“جريمة سيل الزرقاء”.. الأب الذي أطفأ نور طفليه في لحظة انتقام

كتب: وسام نصر الله

بينما تعيش الأسر الأردنية في صدمة من هول الحادثة، لا تزال مشاعر الحزن والغضب تخيم على الشارع الأردني بعد الجريمة المروعة التي هزت القلوب قبل العقول، حيث تجرد أب من إنسانيته ليرتكب جريمة لا يمكن تبريرها أو استيعابها، بإقدامه على إلقاء طفليه، “غلا” البالغة من العمر خمس سنوات، و”محمد” الرضيع الذي لم يتجاوز الثمانية أشهر، في سيل الزرقاء انتقامًا من طليقته بسبب خلافات عائلية.

الانتقام الذي أطفأ حياة الأبرياء

صباح يوم الأحد المشؤوم، حمل الأب طفليه الصغيرين تحت جسر المزرعة بمنطقة الهاشمية، وألقى بهما في مياه السيل، منهياً حياتهما بأبشع طريقة يمكن تخيلها.

وبعد ارتكاب جريمته، سلم نفسه للشرطة، معترفًا بما اقترفت يداه، وأكد أنه أقدم على ذلك بكامل وعيه، ليزيد من هول الصدمة التي أصابت الجميع.

بحث استمر لساعات 

تحركت فرق الإنقاذ والدفاع المدني بعد إبلاغ الأب عن فعلته، لتبدأ عملية بحث مضنية استغرقت سبع ساعات كاملة، استُخدمت فيها طائرات بدون طيار وكلاب بوليسية.

وعلى بعد 14 كيلومترًا من موقع الحادثة، عُثر على جثتي الطفلين الهامدتين، ليُكتب فصل آخر من الحزن في سجل الجرائم الأسرية.

صرخة المجتمع: الأطفال يدفعون ثمن الخلافات

هذه الجريمة كشفت عن الجروح العميقة التي تنخر في نسيج المجتمع الأردني، وأبرزت المآسي التي تقع ضحيتها فئة الأبرياء من الأطفال. فالانتقام الذي دفع الأب لارتكاب هذه الجريمة البشعة، يعكس حالة من غياب الوعي والمسؤولية، حيث أصبحت الخلافات الأسرية تتجاوز حدودها الطبيعية لتصل إلى محطات مأساوية تنتهي بجريمة.

رأي الخبراء: دعوة للتفكير والتغيير

تحدثت استشارية النفس الأسرية والتربوية، حنين البطوش، عن الجريمة بوصفها “جرس إنذار” يدعو لإعادة النظر في قيم المجتمع ومبادئه.

وأكدت أن الأطفال يدفعون الثمن الأكبر للعنف الأسري، داعية إلى توفير بيئات أسرية آمنة وتقديم دعم نفسي واجتماعي شامل للأسر التي تعاني من خلافات.

من جانبه، وصف أستاذ علم الاجتماع د. حسين الخزاعي الحادثة بأنها واحدة من أبشع الجرائم التي شهدها المجتمع الأردني.

وأشار إلى أن الأرقام المقلقة لحالات العنف الأسري تعكس الحاجة إلى تدخل عاجل للحد من هذه الظاهرة.

أرقام الجرائم الأسرية في الأردن

  • الأردن شهد 25 جريمة أسرية خلال عام 2024، مقارنة بـ27 جريمة في عام 2023، بحسب إحصاءات رسمية.
  • غالبية ضحايا هذه الجرائم كانوا من الأطفال والنساء، مما يعكس خطورة النزاعات الأسرية.
  • إدارة حماية الأسرة سجلت 58,068 حالة عنف أسري في عام 2024.
  • بلغ عدد القضايا المتعلقة بالخلافات الزوجية 129,013 قضية في العام نفسه، مما يشير إلى تزايد الضغوط داخل الأسرة الأردنية.
  • بحسب دراسات اجتماعية، يتأثر حوالي 60% من الأطفال في الأسر المتنازعة نفسيًا وسلوكيًا، بينما يدفع 20% منهم الثمن الأكبر من خلال تعنيفهم أو تعريضهم للخطر المباشر.
  • تشير الإحصائيات إلى أن 35% من حالات الطلاق في الأردن تنشأ عن غياب آليات حل النزاعات بطرق سلمية.
  • الأطفال يمثلون الضحية الصامتة في أكثر من 70% من الخلافات الأسرية.

هل نستيقظ من الكابوس؟

جريمة سيل الزرقاء ليست مجرد خبر يُضاف إلى سلسلة الجرائم الأسرية، بل هي مأساة تطرح أسئلة عميقة عن التماسك الأسري والمسؤولية الاجتماعية.

وبينما تعيش عائلة الطفلين وأسرتهما الممتدة ألمًا لا يوصف، يبقى المجتمع بأسره مطالبًا بالتكاتف لمعالجة الأسباب التي تدفع إلى مثل هذه الجرائم، قبل أن تضيع أرواح أخرى في دوامة العنف الأسري.

الأطفال أمانة، والحفاظ على أرواحهم واجب لا يحتمل الانتقام أو التهاون.

زر الذهاب إلى الأعلى