براعة أمنية لافتة في مهرجان جرش.. تنظيم احترافي وسط الزحام

جرش – كرم الإخبارية – وسام نصر الله

في الوقت الذي كانت فيه أضواء المسرح الجنوبي في المدينة الأثرية بجرش تسطع على النجمة السورية أصالة نصري، التي عادت إلى مهرجان جرش بعد غياب 25 عامًا، كانت هناك أضواء أخرى لا تقل إشراقًا، لكنها لم تكن على المسرح، بل على الأرض، بين الحشود، وعلى المداخل، وفي زوايا التنظيم؛ أضواءٌ ارتسمت على وجوه رجال الأمن العام، الذين جسّدوا المعنى الحقيقي للثقة والطمأنينة والانضباط.

الحشود كانت تملأ المكان من كل صوب، الآلاف تدفقوا من مختلف محافظات المملكة والدول العربية لحضور الفعالية الختامية الكبرى للدورة التاسعة والثلاثين من مهرجان جرش للثقافة والفنون. ومع هذا الزخم البشري الهائل، لم تكن هناك فوضى، لم يكن هناك ارتباك، بل كان هناك حضور أمني أنيق، مدروس، ومبني على وعي عميق بأهمية الحفاظ على الأمن دون أن يُشعر أحد بأنه تحت الضغط.

ما ميّز رجال الأمن العام في تلك الليلة، لم يكن فقط التزامهم الوظيفي، بل رُقيهم الإنساني في التعامل مع الجميع؛ ابتساماتهم الحاضرة، أسلوبهم المهذّب، احترامهم للمواطن والزائر على حد سواء. كانوا يؤدّون واجبهم بمزيج من الحزم واللطف، وهو ما عزز ثقة الناس بهم، وخلق شعورًا عامًا بالأمان، رغم الزخم الكبير الذي شهده المكان.

لم تكن المهمة سهلة، ومع ذلك بدت سلسة ومنظمة، فقد انتشر عناصر الأمن العام من مختلف الوحدات على جميع بوابات المدينة الأثرية، وفي محيط المدرج الجنوبي، وداخل الممرات الضيقة التي تعج بالزوار. التنسيق بين الأجهزة الأمنية كان واضحًا، والتنقلات مدروسة بدقة، بحيث تم تأمين دخول وخروج الجمهور بسهولة ويسر، دون تعطيل أو ازدحام خانق.

رغم ضغط الأعداد الكبيرة، لم يكن هناك تهاون في الإجراءات الأمنية، فسلامة المواطن والزائر كانت أولوية قصوى. وفي الوقت ذاته، لم تكن هذه الإجراءات عائقًا أمام الاحتفال، بل كانت جزءًا من نجاحه؛ لأن الأمن لم يكن حاضنًا فقط، بل شريكًا حقيقيًا في إنجاح الفعالية.

المشهد في جرش لم يكن عابرا، بل نموذجا يستحق التقدير والتوثيق. ثقة المواطنين برجل الأمن لم تأت من فراغ، بل من تراكم مواقف، ومن حضور دائم في الميدان، ومن تعامل ينمّ عن فهم عميق لدور رجل الأمن، لا كحارس للمكان فقط، بل كجزء من نبضه وروحه.

في ختام الليلة، وبين تصفيق الجمهور لأصالة على المسرح، كان هناك تصفيق صامت – لكنه عميق – في قلوب الناس، لرجال الأمن العام، الذين أثبتوا أن الأمن ليس فقط تأدية مهمة، بل هو حضور راقٍ، إنساني، ومصدر فخر واعتزاز.

زر الذهاب إلى الأعلى