بالنسبة للشاي والمجدّرة

يوسف غيشان

قرأت عن طريقة إعدام صينية قديمة، تعتمد على الطلب من المحكوم بالإعدام اختيار نوع واحد من الطعام (رز، لحم، دجان، سمك، وهكذا)، وبعد الاختيار الأخير الذي يقوم به المحكوم، تشرع إدارة السجن في إطعامه هذا النوع بشكل مستمر …مثلا: فطور رز، غدا رز، عشا رز ..فطور غدا عشا رز في رز في رز في رز ، أو لحم في لحم في لحم في لحم، أو سمك في سمك في سمك في سمك.

ويقول الراوي ، بأن هذا التوحيد في نوع الطعام كان يقوّض جسد المحكوم في الإعدام ، وبعد أن يتربرب خلال الشهرين الأولين ، يشرع في النكوص والتراجع، فيتحول الى مجرد جلد على عظم ….ثم يموت . وأكثر محكوم صيني بالإعدام صمد في هذا النوع من الإعدامات ..صمد ستة أشهر فقط لا غير .

لاحظوا أن ما يزبط على الشعوب الأخرى لا يزبط علينا نحن العرب، ولو أن الصينيين سجنوا عسكريا عربيا من جيش قتيبة بن مسلم الباهلي لكان حيا حتى الان يأكل من ذات الوجبة.

عاش من هم أكبر مني ومن هم في جيلي، على وجبة واحدة لعدة سنوات ..خبز وشاي …شاي خبز …خبز مع شاي ..شاي مع خبز ، وما شابهها: مجدرة .مجدررة ..مجدرة مجدرة مجدرة….والدايم الله. ومع ذلك لم أسمع أن واحدا منا مات بالتجدر (من المجدرة) أو بالتشيي(من الشاي) أو بالتبندر(البندورة) أو بالتعندص(العدس).

وعلى طريقة الداوروينية الإجتماعية التي تطبق ما يكتشف في العلم على سيرة المتّحدات البشرية – يعني المجتمعات-، فإننا نتعايش مع الفاسدين.

حكمنا المغول والتتار والفرس والأيوبيون والأخشيديون والمماليك البرية والمماليك البحرية والمماليك الجوية ، والصفويون، ثم حكمنا العثمانيون لأربعة قرون ، وجاء بعدهم الأنجليز والفرنسيون ومع ذلك لم نمت وبقينا على حالنا وأحوالنا ، كما تركنا آخر خليفة عباسي قتله هولاكو، لكأننا نعيش على هامش التاريخ والجغرافيا والهندسة الإقليدية، وعلم نفس النمو.

مش بس هيك كمان، فإننا عندما حاولنا التحرر من نير الطغاة والظالمين والفاسدين تحررنا قليلا، ثم اصاب أجسادنا الإجهاد والأمراض، وصرنا نهلوس، لدرجة أن بعضنا ينوي الرجوع الى مرحلة الظالمين الفاسدين، بعد طلب الصفح والغفران منهم.

اتمنى أن يحكم علينا الصينيون بالإعدام، ويطعموننا الطعام الواحد…. بالتأكيد ستعلن الصين إفلاسها خلال عقدين أو أقل، ثم نستولي عليها كاملة مكملة ونبرطع فيها..والله لنكيّف.

الدستور

زر الذهاب إلى الأعلى