انتخبوا مرشحكم!

جهاد المنسي

انتخبوا مرشحكم.. تلك عبارة كلاسيكية نراها على كثير من يافطات المترشحين الموزعة على أعمدة الكهرباء وجسور مشاة ودواوير في العاصمة عمان، ومدن وقرى أخرى، تلك جملة مستفزة، تحمل في طياتها طلبا عبثيا، إذ لا يمكن ان يكون أصحاب تلك العبارة مترشحين لي او لغيري ويخاطبوننا بعبارة كلاسيكية لا أثر لها، فلو كانوا فعلا مترشحين لنا وحصلوا على التأييد المسبق فلا داعي لتلك الجملة ومخاطبتنا بها اصلا، ولو لم يكونوا كذلك فهم في مرحلة طلب التأييد، وبالتالي فهم ليسوا مترشحين لنا، ولا يحق لهم اعتبار انفسهم كذلك!.

من حقنا السؤال ونحن في خضم دعاية انتخابية متواصلة، لماذا ما يزال هناك مترشحون يحومون في دائرة نفس العبارات المستهلكة، استخدمت في أزمنة مضت، وعفا عنها الزمن، فلو أردنا التركيز اكثر، وقراءة مضامين يافطات بعض المترشحين، فإنني أجزم ان عبارة (انتخبوا مرشحكم) تأتي لإشعار الناخب بأن المترشح مقرب منه، باعتبار ان ذاك يعفي المترشح من تقديم رؤية او خطة تدفع جمهور المواطنين لانتخابه، او تقديم رؤية انتخابية وبرنامج وتشخيص للمشاكل ووضع الحلول.

بعيدا عن جملة (انتخبوا مرشحكم) فإن الدعاية الانتخابية التي تتركز على الأعمدة فإنها تثير علامات سؤال حول فاعليتها على الرأي العام، وخاصة في ظل تراكم اليافطات وتعدد الصور، الامر الذي يشكل تلوث بصري، وشرود ذهني، اضف الى ذلك فإن اليافطات المتراكمة تقتصر على تقديم معلومات سطحية عن المترشحين دون التعمق في قضايا حقيقية أو حلول ملموسة للمشاكل التي يواجهها المواطنون، ولذا فإنها قد لا تؤدي لتغيير جوهري في رأي الناخبين أو تعزيز فهمهم لموقف المترشح للقضايا السياسية.

ليس هذا فحسب، وإنما تأثير كثافة اليافطات النفسي على جمهور الناخبين كبير، فالتعرض المكثف للإعلانات، وفق خبراء نفسيين، يقلل من قدرة المواطن على تحليل الرسائل الانتخابية بموضوعية، ويجعلهم اقل اكتراثا من متابعة ما يكتب.

أستعرض يوميا متعمدا صور المترشحين وعباراتهم، واكثر ما لفتني ان عددا قليلا منهم يضع ابهامه على مشاكلنا الحية، ويتحدث معنا عن قضايانا الملحة كالفقر والبطالة والتعليم والتنمية والزراعة والمشاريع الصغيرة والاقتصاد والمديونية والصحة، والحريات العامة، والمواطنة، وسيادة القانون، والعدالة، وحرية الفرد، وتنمية الأطراف.

ولهذا من حقنا القول إننا لا نريد شعارات لا تحمل الا صورة المترشح، فالمناسبة ليست حفلة فنية، وانما هي مناسبة وطنية، نسعى فيها لإحداث تغيير وايصال من نثق بقدرته على فهم المرحلة والتعامل معها، ومحاسبة الحكومات ومراقبتها وسؤالها واستجوابها، وحجب الثقة عنها إن تطلب الامر.

أيها السادة، لدينا الثقة بالتغيير، لأننا ببساطة نريد مجلسا مختلفا، مجلسا يتوافق مع رؤية التحديث الملكية، مجلسا يجلس على مقاعده مشرعون اكفاء، لديهم رؤية سياسية واقتصادية وتنموية شاملة، ويعرفون ان دور النائب يتمثل في التشريع والرقابة، ويعرف ان مجلس النواب لديه المكنة الدستورية للنهوض بنا لمحاكاة التطور والتنمية، والحداثة، بعيدا عن الصراعات الشخصية لأفراده.

سادتي المترشحين، لسنا ضد التعرف على صوركم بالمطلق، ولسنا ضد استخدام اليافطات في إيصال رسائلكم الينا، لككنا في الوقت عينه نريد ان نسمع منكم، نريد منكم التحدث معنا، والتواصل مع الناخبين، وتعزيز التفاعل الايجابي بين المترشحين والمواطنين، وتعزيز الثقة بدوركم المستقبلي، وان تعملوا لجذب اكبر نسبة من الناخبين لصندوق الاقتراع، والمشاركة في العملية الانتخابية.

لسنا ضد بالمطلق رؤيتكم على اللوحات الاعلانية، ولكننا ايضا نريدكم متفاعلين معنا من خلال عقد لقاءات مباشرة مع الناخبين للإجابة عن أسئلتهم ومناقشة القضايا المهمة، والاستماع لبرامجكم، ورؤيتكم، وخططكم، وتقديم أنفسكم لنا من خلال البرامج والرؤية والحلول.

الغد

زر الذهاب إلى الأعلى