“الهندي” يكتب.. الإصلاح يبدأ من هنا

لم يكن الإصلاح يومًا إلا مطلبًا ينشده الجميع ،مطلباً شرعياً يقصده كل من في نفسه الوطنية و الإنتماء، كل نفس بعيده كل البعد عن الأنانية والنرجسية. لا يكاد عصرًا من العصور و لا أمةً من الأمم إلا وكان المصلحون والمنادون بالإصلاح لهم الصوت العالي، وأصحاب عزيمة و صبر في إقناع الآخرين بأهدافه وغاياته النبيلة، إن تجويد القوانين التي تنظم الجميع وتسعى الى تحسين حياتهم ضمن ضوابط من الحقوق والواجبات و ضمن أطر قانونية محددة تكاد تكون من أصعب الأدوار التي يمارسها المصلحون من مبدأ “رضا الناس غاية لا تدرك” في المطلق.

نحن في الأردن وفي المئوية الثانية من عمر الدولة الاردنية ،وبعد مرور سنوات طويلة، رسمت من خلالها معالم الدولة الأردنية وهويتها الوطنية الجامعة، واتضحت الرؤيا في الكثير من القضايا المصيرية ،وثبتت فيها أركان الدولة على أسس واضحة وركائز لا تقبل الشك على المستوي القومي العروبي ولا على مستوي الثوابت الدينية والتاريخية، انطلقت بعدها الدولة بعنفوانها و شرعيتها تبشر بمراحل عديدة من البناء والتقدم والازدهار والإصلاح.

لا شك أن المعيقات الاقتصادية والجيوسياسية شكلت عائقًا في بعض الأحيان و قلصت سقف التوقعات ،إلا أنها كانت فرصًا للتعلم و المزيد من الإصرار على النجاح والعبور بأمان في أحيان اخرى ، فالإنجازات المتراكمة بمرور الأيام والسنوات في تاريخ الدول لا تتبخر وإنما تضاف الى رصيدها و تشكل خطوة باتجاه حركة التصحيح والبناء، وفي حالتنا الأردنية كم من أيام خالدة شكلت نقاط تحول فارقة ،انبثقت من خلال عقد اجتماعي رصين بيّن شعباً أصيل و قيادة هاشمية ملهمة وحكيمة.

الإصلاح مطلب محمود ينم عن فكر عظيم باتجاه الأفضل ،فكان جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم أول المنادين بالإصلاح المنشود من خلال الأوراق النقاشية الملكية، والتي أسست لنهج جديد في عمر الدولة، و وضعت أسساً لمناحي الحياة السياسية في الأردن،وشكلت من خلال تفاصيلها رؤية عميقة للواقع الأردني، وحلاً لقضايا تحتاج إلى إصلاح حقيقي، كانت بمثابة نقطة بداية ثمينة كان لا بد من البناء عليها، والسعي الجاد لاستثمارها، وترجمتها لتشريعات وقوانين على أرض الواقع.

إن مفهوم الإصلاح الحقيقي يتعارض مع مفومي المعارضة الهدامة والنقد الذي لا يقوم على أسس منطقية وعقلانية ،بل هو عملية تراكمية مستمرة، فيها نوايا صادقة تسعى للاصلاح والبناء ،لا معاول هدم تلعن أسلافها ،وتسعي للانحراف عن ثوابت أصيلة ومرجعيات أدبية وأخلاقية مغروسة في وجدان وعقول الأردنيين، وأصبحت حكمًا من المسلمات.

الإصلاح يحتاج لكل فرد ،يحتاج الى سواعد الجميع،سواعد تبني بجد وتحافظ على ثوابت الدولة ومنجزاتها،يحتاج إلى عقول همها المصالح الوطنية العليا، وقلوب بوصلتها الأردن ،ترنو لتقدم الأردن وازدهاره في كل مناحي الحياة. نحتاج إلى المزيد من العمل والبناء، والتفاني، كلٌ في مجاله ومكامن إبداعه؛ العامل في عمله، والصانع في صنعته، والمهندس والطبيب والجندي و الفلاح، كل شخص على ثغرة من ثغرات الوطن، و الجميع بإذن الله سينهض بالهمم العالية، وسيتحقق الإصلاح الذي نريد.

اللهم أعز الأردن ،وقيادة الأردن وشعبه الأصيل.

بقلم: المهندس عبدالحكيم محمود الهندي

رئيس جمعية الفنادق الأردنية

نائب رئيس هيئة تنشيط السياحة

زر الذهاب إلى الأعلى