“النظم الحديثة” أول مدرسة محلية طبقت” التعليم عن بُعد”.. و”العفوري” يُباهي: طلبة عرب يتابعون منصّات تعليمنا “الحكومي”
خاص ل”كرم الإخبارية” – حاورته: بثينه السراحين
فاخر الخبير التربوي البارز الدكتور “مصطفى العفوري” بالتجربة الأردنية الأولى في التعليم عن بُعد؛ مبيناً أن منصات وزارة التربية والتعليم النشطة اليوم في مواكبة إحتياجات الطلبة التعليمية تعتبر “ذات جودة فائقة”، وذلك لأنها مُعدّة ومُجهزة من قبل أبرز معلمي المملكة؛ من ذوي الباع الطويل والخبرات الوازنة في سلك التعليم.
وشدد الدكتور العفوري في حديثه ل “وكالة كرم الإخبارية” على أن التعليم بات متاحاً اليوم “عن بُعد” لكافة طلبة المدارس الحكومية والأهلية في المملكة؛ لكون التعليم النوعيّ والشمولي، الذي تعتمده وزارة التربية والتعليم الأردنية، مؤهل للمضيّ بالطلبة نحو هدفهم المنشود لجهة إستكمال دروسهم بسلاسة ودون معوقات. منوهاً في الوقت ذاته إلى أن جودة التعليم الأردني الرسمي – المتوفرعبر البث المخصص لهذه الغايات ومن خلال منصات تعليمية متعددة – حفزت “نسبة ملموسة” من الطلبة العرب والمعلمين، المقيمين في دول تعتبر متقدمة في الذكاء العلمي مثل فلسطين والعراق ومصر، على متابعة منصاتنا هذه، والإفادة من الدروس المبثوثة من خلالها.
وعلل الدكتور “العفوري” تمايز منظومة التعليم عن بُعد اليوم في “مدارس النظم الحديثة”، ممن يُعتبر مديرها العام، بتوافر كافة التقنيات المتقدمة والمؤهلات البشرية والبنية اللوجستية لدى المدرسة لتطبيق هذه القناة التعليمية. حيث سبق وأن كانت مدارس “النظم الحديثة”- وفق حديثه- الأولى في المملكة لجهة إستعانتها بهذا النظام التعليمي حين سخرته في تنفيذها لإمتحان المنح الدراسية العام الماضي، وطبقته آنذاك في إختبارها ل (1200) طالب؛ وبنجاح لافت.
.. وتالياً نص حوارنا مع الخبير التربوي الدكتور مصطفى العفوري، والذي شدد خلاله على أنّ “مدارس النظم الحديثة” ملتزمة بتسديد كافة مستحقات معلميها دون نقصان، لكونهم “خط أحمر” و “أولوية متقدمة” لدى إدارة المدرسة، حسب وصفه:
*من منظورك كتربويّ عريق .. كيف تقيم أداء بلدنا “الأردن” في تجربته الأولى مع التعليم عن بُعد، والذي سخرته حكومتنا للتغلب على صعوبات الإنتظام المدرسي في خضم الأزمة الكورونية الحالية؟
في تقييمنا لتجربة المدارس الأردنية مع التعليم عن بُعد؛ نجد أنها تنقسم إلى أربع فئات، تتحدد وفقها مدى الفائدة التي نبعت عن هذه التجربة؛ وبنسب متفاوتة لكل واحدة منها. والفئة الأولى هي المدارس التي كانت تتمتع من قبل بالجاهزية والقدرة العالية والخبرة المسبقة في التعليم عن بُعد، وتمتلك مهارة فيه. والحمد لله أن مدرستنا النظم الحديثة تعتبر من ضمن فئة المدارس الرائدة في هذا المجال؛ ذلك أن معلمينا مؤهلين في الأصل للتعاطي مع هذه التكنولوجيا. حيث سبق وأن قامت فرقنا الفنية بتأهيل طلبتنا وأهاليهم على هذه التقنية التعليمية.
والأمر كذلك؛ فقد كانت لدينا – في مدارس النظم الحديثة – تجربة ماضية في التعليم عن بُعد، وهي عبارة عن إمتحانات وواجبات إلكترونية إستخدمناها منذ السنة الماضية وفق نظام إدارة التعليم عن بُعد (L.M.S). وهذا النظام متوفر لدينا بنسبة محدودة في المملكة، حيث تعتمده نحو (10) إلى (12) مدرسة فقط من أصل 2400 مدرسة خاصة في الأردن، وعليه؛ فإن فئة المدارس المحدودة هذه، والتي تعتمد منذ السابق نظام التعليم عن بُعد نجحت بالحصول على أثر رجعي إيجابي جراء تطبيقه منذ بدء تعطيل المدارس في المملكة مؤخراً، وبنسبة مُرضية تقدر بنحو (80%) من غاياته المنشودة.
وأما الفئة الثانية من المدارس؛ فهي تلك التي عمدت إلى توظيف البرمجيات الجاهزة، وخاصة برامج المايكروسوفت، وهي جيدة ضمن الحالة الطارئة التي نعيشها. وحققت هذه المدارس حوالي (70%) من الأهداف المرجوّة منها.
وبالنسبة للفئة الثالثة من المدارس؛ فقد لجأت إلى إستخدام أدوات وتقنيات محددة مثل الواتس أب، أو مجموعات التواصل الإجتماعي. وهذه حققت الحد الأدنى من الفائدة المطلوبة من عملية التعليم عن بُعد، وبما لا يزيد عن (40%) من الأهداف التعليمية المُبتغاة.
وتعتبر الفئة الرابعة الأكثر تضرراً من تعطيل الدوام المدرسي، لكونها لم تنفذ أي نوع من أنواع التعليم الإلكتروني من أصله، ولا حتى ذلك الذي بثته منصات وزارة التربية والتعليم، وهؤلاء الطلبة لم يستفيدوا بمحض إرادتهم لكونهم أهملوا متابعة تعليمهم عن بُعد، فلا عذر لديهم في ذلك؛ خاصة وأن منصات وزارة التربية والتعليم مفتوحة للجميع. وللأسف هذه الفئة من الطلبة لم تحقق أي هدف من أهداف التعليم عن بُعد.
وعلى الرغم من الفئات التي ذكرتها أعلاه عطفاً على تقنيات التعليم المعتمدة لديها، إلا أنه من الضروري الإشارة إلى أن هناك مدارس حققت نسباً عالية نتيجة المتابعة الحثيثة من قبل إدارتها، والتي – حتى مع إفتقارها لأنظمة تعليمية متطورة – إلا أنها وللإنصاف جاءت بنتائج جيدة. وعليه نؤكد أن التقييم السابق ليس حُكماً مطلقاً لمدى تحقيق الفائدة من التعليم عن بُعد، فهو قد تختلف نسبتهُ من مدرسة لأخرى، ويعتمد بالدرجة الأولى على مهارة وملاءة الإدارة التعليمية بعينها لكل مدرسة على حده، كما ترتكز نسبة الفائدة على مدى تجاوب وتعاون الطالب بحد ذاته ومساندة عائلته له وللإدارة التعليمية في مدرسته.
*البعض يتحدث عن ما يسمونه “طبقية التعليم” في المرحلة الراهنة، حيث استطاعت المدارس الأهلية ضبط عملية التعليم عن بُعد على نحو يفوق نظيرتها الحكومية، وتحديداً في الأطراف والمناطق النائية التي تضعف فيها الإمكانيات التكنولوجية لدى الطلبة وعوائلهم…تعليقك؟
ليس صحيحاً بالمطلق، ذلك أن منظومة وزارة التربية والتعليم في “التعليم عن بُعد” قوية للغاية، وتوفر قدراً كبيراً من الفائدة، لأنّ المحتوى الذي تبثه الوزارة عبر منصاتها مُعدّ من قبل معلمين ومعلمات من ذوي الكفاءة العالية، ولدينا مثلاً من المواد العلمية التي بُثّت عبر منصة (درسك) وشاشات التلفزيون الأردني أشرف على إعدادها وتجهيزها نخبة من المعلمين هم الأكثر تميزاً على مستوى المملكة، وكانت نسبة المشاهدات لدروسهم التي بثها تلفزيوننا الرسمي عالية جداً.
وللمفاجأة أذكر بأنه تتم حالياً متابعة للدروس التي تبثها وزارة التربية والتعليم الأردنية من قبل طلبة ومدرسين في دول عربية أخرى، مثل مصر وفلسطين والعراق، وهي من الدول المتقدمة في نسب الذكاء العلمي لطلبتها ولجهة كفاءة كوادرها التعليمية، وهذا نعتبره مفخرة للأردن، لأنّ هؤلاء وجدوا لدينا كفاءة وقدرة عالية على تقديم الفائدة العلمية لهم؛ ما جذبهم لمنصاتنا التعليمية الريادية، والتي يمتاز القائمون عليها بمهارات التعليم وفق آليات سلسلة وواضحة تتواءم والمستويات الإستيعابية المتفاوتة لكافة الطلبة. وجدير بالذكرأن هؤلاء الطلبة والمدرسين العرب على تواصل دائم وملحوظ معنا عبر وسائل التواصل الإجتماعي التابعة لمنصات التعليم التابعة لوزارتنا؛ وهي متنوعة ودروسها وافية.
وأما ما ذكرتموه عن إحتمالية نشوء صعوبات في التعلم عن بُعد لأسباب تتعلق بضعف الإمكانيات التكنولوجية؛ فإن أثر هذا العامل موجود؛ ولكنه محدود جداً، ذلك أنه – ببساطة – يندر وجود بيت اليوم يخلو من جهاز التلفاز وهاتف خليوي يعمل بإشتراك مالي شهري وبقيمة زهيدة توفرها شركات الإتصالات المتعددة في المملكة، وبما يوفره ذلك من الحصول على إشتراك في شبكة الإنترنت، ومن ثمّ تمكين الطالب من التواصل مع منصات التعليم عن بُعد، ومع معلميه وإدارة مدرسته.
*تنشطر الآراء بين مؤيد ومُعارض لإعتماد نتائج الإختبارات المُنفذة وفق قنوات التعليم عن بُعد، حيث يُحاجج المُعارضون لها بعدم كفالتها الأكيدة للرقابة الحقيقية على هذه الإختبارات والتقييمات.. رأيك؟
لا يمكن إعتماد هذه الإختبارات كمقياس حقيقي لمستوى الطلبة، ولكنها تعتبر “تجربة واعدة”؛ خاصة وأنها الأولى من نوعها للنسبة الساحقة من الطلبة. ونحن في أزمة طارئة ولا نستطيع “مُعاقبة” الطلبة على ظروف “قسرية” خارجة عن إرادتهم، بل وعلى النقيض من ذلك يلزمنا أن نشكر ونحفز من أولاها الأهمية وأتخذها على درجة من الجديّة من هؤلاء الطلبة، لأنهم أسهموا في إستمرارية الحياة التعليمية في البلاد. وليس من المفترض في هذه المرحلة تقييم كفاءة الإمتحانات ومصداقية نتائجها، كونها تمت في ظل “جائحة” تعاملنا معها كحالة طارئة ومُحدثة علينا.
غير أنه لا بُدّ لنا في المستقبل من الأخذ بأهمية تطوير نظم التعلم عن بُعد، والذي سيصبح جزءاً من أدوات التعليم والتعلم، حيث يتوجب وضع ضوابط وتعليمات رقابيّة صارمة على مدى إندماج الطلبة في مثل هذه البرامج، وبالتالي يمكننا حصاد جودة النتائج من خلال أساليب تقييم خاضعة للرقابة الحقيقية والصارمة؛ تماماً كحال إمتحانات البرامج الدولية التي تتم عن بُعد. حيث الطالب يتوجب عليه الجلوس قبالة جهاز الحاسوب للإفادة من الكاميرا المزودة به لضمان ضبط عملية التعليم وإجراء الإمتحانات والتقييم الحقيقي والمطلوب لمستواه التعليمي، وذلك من خلال إعتماد برمجية (أوديو فيديو) ممن تتيح للمعلم سماع ورؤية كافة طلبته في ذات الوقت ومراقبتهم عن كثب في حال أخضعهم لأي تقييم أو إمتحان في المنهاج. وهذه الآلية كفيلة بتوفير رقابة تامة على الطلبة من خلال الكاميرات الحاسوبيّة كما أسلفت، حيث يُمنع على الطالب هنا النظر لأي اتجاه عدا الشاشة، ما يساعدنا ذلك على مراقبة عمليات الغش في الإختبارات على نحو أقوى بكثير من الرقابة التي تتم خلال إمتحانات الصفوف المدرسية.
كما أن الإمتحان عن بُعد مصمم من على شاكلة (بنك أسئلة)، وتكون إختبار درجة الصعوبة في الأسئلة إلكترونياً، بحيث تتواءم الأسئلة مع جميع القدرات الإستيعابية للطلبة والمتفاوتة حسب درجة ذكائهم العلمي والفروق الفردية في ما بينهم، وكفيلة بشمولية المادة العلمية (المنهاج الدراسيّ) كذلك. وهنا لا يوجد أي مجال للخطأ البشري في تصحيح الإمتحانات لأن عملية التصحيح هذه مضبوطة إلكترونياً. وهذا النظام الذي ذكرته هو الأفضل. غير أننا لا نستطيع تطبيقه اليوم على كافة طلبتنا لكونهم ليسوا جميعاً ممن يتوافر لديهم أجهزة حاسوب.
*ماذا تخبرنا عن تجربتكم الخاصة في “مدارس النظم الحديثة” من ناحية مسار العملية التعليمية لديكم إلكترونياً؟
تواجهنا صعوبات في بندين فقط؛ البند الأول يتمثل بضعف شبكة الإنترنت والتجهيزات لدى بعض أهالي الطلبة. والبند الثاني يتعلق بوجود نسبة ضئيلة لم تتابع بصورة جدية العملية التعليمية عن بُعد في بداية تطبيقها وإعتمادها، ولكنهم حينما استشعروا بعد ذلك مدى جديتها وأهميتها انضبطوا بها وألتزموا بقواعدها. وعليه؛ فإن تجربتنا والحمد لله ممتازة؛ خاصة وأننا ننشر ثقافة جديدة في المجتمع، وأقصد بها التعلم عن بُعد، لذا لا نريد أن نقسو كثيراً في تقييمها كونها مُستجدة على الغالبية الساحقة من طلبتنا كما أسلفت أعلاه.
وهنا لا بُدّ أن أذكر بأننا في “مدارس النظم الحديثة” أجرينا خلال العام الماضي إمتحانات إلكترونية مُحوسبة خضع لها أكثر من (1200) طالب وطالبة من مدارسنا ومدارس أخرى؛ حيث اختبرناهم في مباحث الرياضيات واللغتين العربية والإنجليزية، وضمن إختبار مخصص لقياس القدرات وحلّ المشكلات، وذلك للصفوف من الصف السادس ولغاية الأول ثانوي، وللعلم فإنّ مدارسنا “النظم الحديثة ” كانت المدرسة الأولى في المملكة التي نظمت إمتحاناً إلكترونياً لكل من رغب في التقدم لإمتحان المنح الدراسية (قياس القدرات) العام الماضي، وكانت نسبة دقته ونجاحه (100%)، لأنه إعتمد المعايير الدقيقة في أسس القياس والتقييم.
*المدارس الخاصة تعاني ضائقة مالية اليوم تحول دون مقدرة بعضها على الوفاء بإلتزاماتها وأجور معلميها.. كيف تدبرتم الأمر في مدارسكم”النظم الحديثة”؟
سددنا رواتب موظفينا ومعلمينا كاملة عن شهر آذار الماضي، والحال ذاته طبقناه بخصوص شهر نيسان وكما هو منصوص عليه تماماً في قانون الدفاع. ونحن نعاني جداً من الضائقة المالية لأن الكثير من أولياء الأمور – وللأسف – لم يسددوا إلتزاماتهم. حيث قرابة (40%) من الأقساط المدرسية لم تسدد لنا حتى حينه. ولهذا لجأنا إلى قروض البنك المركزي، وسددنا رواتب موظفينا في الوقت المحدد وبدون أي تأخير يُذكر؛ ذلك أن كادرنا المهني ومُعلمينا بمثابة خط أحمر لدينا، وأمنهُ المعيشي أولوية متقدمة بالنسبة لنا.