المرأة السعودية وحسرة الحياة

بقلم : عائشة الخواجا الرازم

طبعاً هي حسرة الحياة التي تدفعني لتناول هذا الموضوع ! أورث الله سبحانه الإنسان على الأرض من أجل تخفيف حسرة الحياة على البشرية ! ولذلك سبحانه خلق لنا ساقين وقدمين نمشي ونسير عليهما ، وإلا لكان خلق لنا جذعا واحداً كالشجرة يتفرع عنه الأطراف المشرئبة ! ولكنه سبحانه أوقف الشجرة مكانها لا تتزحزح ولا تسير كي تثمر وتطرح العطاء من نفس الموقع وتسقى من ماء واحد ! بينما الإنسان هو الوحيد الذي قيض الله سبحانه له عرض الأرض وطولها وفتح له الكرة الأرضية بما رحبت ! ولولا رحمة الله في الخلق للحركة والتنقل والاتصال وفتح الدروب لما وصل العلم والدين وأصبح الإنسان يتمطى في الصين ويتناول عشاءه في القدس أو في مكة ! والمدينة المنورة !

وتلك لعمري رحمة لا لبس فيها لخلق الإنسان بقدمين وساقين ويدين ومثنى في كل شيء إلا العقل والقلب واللسان ، ونستثني المفرد في الجسد ! ولولا إرادة الله الناس دفعهم بعضاً ببعض لما تطورت البشرية وتواصلت ووصلت الأصقاع في الجو والفضاء ! وظل الجبار الأعظم لا يحظر الحركة والتفكير على قدم وساق واحدة ، لا بل جعل من أنفس الخلق ذكراً وأنثى لتعارفوا إن أفضلكم عند الله أتقاكم ! وجعل من الآية الكريمة ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) فكيف يأمرون بالمعروف ويكونون أولياء بعض لو تعطلت الحركة عند الساق العاملة ؟ ؟ والله لعاشت البشرية عرجاء تتخطف العرج في أنحاء حياتها ! ولما تفقه العالم بقدرة المسير على طرفين ، استطاع أن يبدع ويمضي في طريق البناء والنظافة والعمل ، وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون !

ونحن لسنا أولياء على الأمم في هذا بل الله هو الوكيل على الأمم التي لم نعطها من حركتنا شيئاً ولم نؤثر عليها ! ولم نصنع لها عجلاً لسيارة ولا مركبة تسير على الطريق ! ولا طائرة تخترق الفضاء ولا حتى دراجة نارية توصل البريد غير الحمام الزاجل الوهمي المنقرض من حياتنا ولم يبق لنا سوى الغزل فيه !

من هنا فإنني اتأسف على جمودنا بقراراتنا المناسبة للتوحش والتخلف أكثر من المسير في نهج الحياة السليم !! وما احتجاجنا بالدين والقرآن بأننا خير أمة أخرجت للناس، إلا تكرار وتقليد بلا مضمون وبلا فقه عميق ! فكيف نكون خير أمة أخرجت للناس ونحن لا نخرج للناس ؟

وأعتقد أن هذا فسرناه بأننا أخرجنا خير أمة للناس في الهامش ! في حين أراد وأمر الله سبحانه أن نكون خير أمة حقيقية توجد على الأرض فعصينا أوامر الله ! وانسللنا من الناس فأصبحنا خارجين تاركين للناس الآخرين الحيلة والميدان !

فتلك المرأة السعودية التي تزاول العمل والتجارة والعلم والمعرفة والأدب والقلم ! وتربي الأجيال ..وهي الطبيبة والحكيمة والمحامية والتاجرة والاقتصادية والأم وإلخ !

ينظر إليها بحجة الإسلام أنها عضو معطل عن الحركة ( المسير ) وتبعد عن الاتصال والمواصلات التي هي سر التطور والتقدم والوصول لكافة مشاغل الأمم ! وبحجة الدين الإسلامي يتم تعطيل هذه الساق الماشية المتحركة ويتم الاعتراض على إرادة وحكمة الله الواحد الأوحد في سر الخلق والتكوين بحجة أنها محرم عليها الحركة ! وتتناقض التفاسير ويتحكم الشيوخ والعلماء وأهل والشورى وينهجون النهج القاضي بمنعها من التحرك ! ومنعها من التحرك في سيارة وراء المقود حتى لا يغضب الله على القوم في السعودية ، وهي التي تتألم تحت طائلة البحث عن مخرج لتنقذ عائلتها وأسرتها من غائلة الحاجة والتلبية المرة الأسرية ، وكأن العلماء والشورى لا يفقهون أن المرأة السعودية إنما هي أصل الثبات والوعي والحركة والتي يجب أن تكون سيدة النساء في الدنيا ، فهي وريثة السيدة عائشة التي قال فيها الرسول عليه الصلاة السلام ( خذوا نصف دينكم عن هذه الحميرا ء ) والله لا أخشى من كل الدعاة لو قلت ان الرسول لو أنزل مرة ثانية في هذا العصر لجعل من عائشة سيدة الإقدام والحركة والمسير في العالم ! ولقادت السيارة والطائرة والمعارك واجتاحت الأرض بصوتها وعلمها وفقه الدنيا الخدام للبشرية ! والله لو علم العلماء والفقهاء في السعودية كم يحرمون المجتمع والإنسانية من نصف الجسد السائر المعطل لاستحوا وناموا خجلاً نومة أهل الكهف ، مع التفريق ولا تشبيه ! وعبرة السواقة للرجال تحتل عبرة السواقة للرجل الثانية في الأرض والأسرة والحياة العسيرة ! وإلا فكيف للرجل الأولى أن تخطو وحيدة مفردة لا رفيق يساندها المسير ؟ والمسير هنا هي كل آفات الوجود المتراكمة على رؤوس البشرية !ولذلك تحتل ثورة المسير ( الاتصالات والمشتق منها المواصلات ) وما يتصل بها من خلايا الاتصال وخلايا المركبات وخلايا الفضاء والمحركات للطيران والآليات ! وكل هذه خلايا انبثقت من العقل إلى الرجلين ( الأقدام والسيقان) ! وحين تمنع المرأة من عون أسرتها وزوجها وأولادها والمشاركة في حلول عقد الحياة، تكون حسرة الرجل المسكين أكبر وأخطر وأعسر ! ولذلك فإن الدين جاء يسراً وليس عسرا !الدين يسر وليس عسر ! ويسروا ولا تعسروا ! وجعل الله سبحانه من الدين الإسلامي صفحات للفقه والتفسير والاجتهاد للفقه في كل مكان وزمان !

أتمنى على المصطلح الأخير المسمى باليسر ، ان يراقب حجم الدمار والخسائر التي تتعرض لها الأسرة السعودية الشقيقة ، والتوصل إلى معنى ومضاعفات منع نصف الأمة والمجتمع من الحركة في مجال خدمة الأسرة والعائلة !!!!

وعلينا أن نذكر عاتبين على أولي الأمر ، والساكتين عن الحق والمنطق، بان المرأة السعودية التي قادت الطائرة وهي ابنة الأرض الحرام المقدسة صاحبة الباع والذراع في النهج الأخلاقي والحر في الخطابة والمواجهة في الدين والحجة منذ سيدتها عائشة ، محرم عليها أن تجلس وراء مقود مركبة لتوصل طفلها إلى مستشفى ، أو إلى مدرسة تناغيه وهو على مقعده في مركبتها وتهدهد لغته وتذكره بدروسه خلال جلوسه مع أمه في الطريق إلى مدرسته !! لا بل يفضل أن تستقل سيارتها بجانب سائق غافل غريب ، يتصرف على هواه مع أولادها وبناتها دون وازع من دين يضاهي دينها !! فهو إما بوذي او سيخي او هندوسي أو ملحد ، وله الحرية المقدامة في مشاركتها حياتها بكل تفاصيلها !! يا للهول … ! أو هل كل امرأة سعودية تقدر على استقدام سائق؟ وهل كل الظروف الاجتماعية بأحزانها وفقرها وفاقتها وبطالتها عند الأسرة المتواضعة البسيطة تسمح لها باستقدام سائق ودفع راتبه الشهري ؟

ومع الأسف فإن السيدة السعودية التي تخوض غمار العلم والعمل والموقع المتقدم ، مفروض عليها أن تخلو مع سائق بنغالي أو هندي في مركبتها دون قيد أو شرط ! وهذا مخالف للدين والأخلاق المرعية وسنة الحرمات ! ومفروض عليها أن ترسل أبناءها وبناتها القاصرين وحدهم مع سائق مفروض عليها إلى حيث المدرسة والحاجة والغرض والمشوار الخ !! فلا تجد إلا أبناء يرتعدون غربة مع سائق لا يبالي بهم، وفي أحيان مدروسة جيداً يتم اغتصاب الأبناء وتحدث المصيبة ! فأين الدين من هذه المعاصي ؟ وأين المشرع النائم المتاخم لنوم أهل الكهف مع عدم التشبيه ؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى