الكحول والسرطان.. ما لا يخبرك به كأسك

الدكتور عاصم منصور

في بيان لافت، أصدر الجراح العام الأميركي*، الدكتور فيفيك مورثي، تحذيرًا قويًا بشأن العلاقة بين استهلاك الكحول والإصابة بالسرطان. هذا التحذير، الذي صدر مطلع الأسبوع ويبدو أنه قد اختار له توقيتاً يتزامن مع صحوة ما بعد الاحتفال برأس السنة الجديدة يُسلّط الضوء على حقيقة صادمة: أن الكحول هو ثالث أكبر سبب يمكن الوقاية منه للإصابة بالسرطان في الولايات المتحدة، بعد التدخين والسّمنة.

حيث يكشف التقرير أنّ استهلاك الكحول مسؤول عن حوالي مائة ألف حالة إصابة بالسرطان وعشرين ألف حالة وفاة مرتبطة به سنويًا في الولايات المتحدة. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن تناول الكحول يزيد من خطر الإصابة بسبعة أنواع -على الأقل- من السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي والكبد والقولون والفم والحلق والمريء. لكن ما علاقة تناول الكحول بالسرطان؟ خاصة ذلك الذي يصيب أعضاء لا تعتبر قناة عبور له. علميًّا، عندما يتحلل الكحول في الجسم، فإنه ينتج مادة كيميائية تُعرف باسم الأسيتالديهيد، وهي مادة يمكن أن تتسبب في تلف الحمض النووي وتؤدي إلى الإصابة بالسرطان. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للكحول أنْ يؤثّر على مستويات الهرمونات في الجسم، مثل هرمون الإستروجين، الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بسرطان الثدي.

ورغم عقود من الأبحاث، فإن أقل من نصف الأميركيين يدركون أن الكحول يشكل خطرًا يزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان، وللتّصدي لهذا الأمر، يدعو الدكتور مورثي إلى تحديث الملصقات التحذيرية على المشروبات الكحولية لتشمل معلومات واضحة عن مخاطر الاصابة بالسرطان، في خطوة تُعيد إلى الذّاكرة الحملات الصحية السابقة التي حذرت من مخاطر التدخين، ونجحت إلى حد كبير في رفع مستوى الوعي العام خاصة في الغرب.

كما يشجّع البيان الأميركيين على إعادة التفكير في عاداتهم المتعلقة بتناول الكحول، فالإرشادات الحالية في الولايات المتحدة توصي بعدم تجاوز مشروبين يوميًا للرجال ومشروب واحد للنساء، لكن حتى ما يُسمى بالشرب «المعتدل» يحمل في طياته بعض المخاطر، فالرسالة هنا واضحة: كلما قللت من تناول الكحول، كلما انخفض خطر إصابتك بالسرطان.

ويأتي هذا التحذير في وقت يعيد فيه الكثيرون، خاصة الأجيال الشابة، تقييم علاقتهم بالكحول، ومع صعود حركة «الفضول تجاه الامتناع عن الكحول» وزيادة شعبية البدائل الخالية من الكحول، حيث يبدو أن المواقف الثقافية تجاه تناول الكحول قد بدأت تتغير.

تحذير الدكتور مورثي هو دعوة للاستيقاظ، فرغم أن تناول الكحول كان دائمًا جزءًا من التقاليد الاجتماعية لكثير من المجتمعات، من المهم أن نعي مخاطر هذه العادة وأن نتخذ قرارات واعية لتجنب هذه المخاطر. كما يذكرنا الجراح العام أنّ صحتنا بين أيدينا وكل خطوة صغيرة يتخذها الفرد نحو تقليل استهلاك الكحول يمكن أنْ تُحدث فرقًا كبيرًا.

وقبل الدكتور ميرفي بقرون جاء الخطاب الربّاني في تحريم الخمر قاطعاً بالاجتناب وهو تعبير أشد صرامةً من التحريم فاجتناب الشيء في اللّغة يعني إعطاءه جنبك والابتعاد عنه وعدم الاقتراب منه دلالة على خطورته ومنعا للذرائع والأسباب التي قد تؤدي إليه .

*الجراح العام هو كبير الأطباء في الولايات المتحدة والمسؤول عن تقديم النصائح الصحية العامة، وقد حصل على هذا اللقب من خلال دوره التاريخي كمسؤول طبي في الجيش الأميركي.الغد

زر الذهاب إلى الأعلى