القبول الجامعي

رمزي الغزوي
من يدقق في قوائم القبول التي تعلنها وحدة القبول الموحد سنويا؛ سيجدها مترعة زاخرة باستثناءات عديدة متعددة يمكن للطالب من خلالها أن يحصل على مقعد جامعي، هو في الأصل ليس من حقه، بل من حق طالب درجاته أعلى، تم إقصاؤه ونبذه؛ ليعيش قهراً وغصة لا تنسى ولا تمحى. ومن يدقق أكثر سيجد أن نسبة الحاصلين على مقعد بالتنافس الحر قد لا تتعدى في أحسن حالاتها 30 %. فأية قسمة هذه؟.
لست ضد مساعدة أي طالب من أية فئة مجتمعية كانت. على العكس بل أدعو إلى هذا. ولكني ضد أن تكون تلك الاستثناءات بديلا عن المعدل كعتبة لدخول التخصصات. أي أنك إن أردت أن تساعد طالبا ما لظرف ما، فساعده في توفير منحة تكفل له الدراسة على نفقة الدولة، دون أن تنتزع حق غيره في المقعد الجامعي.
دع كل الطلبة يتنافسون منافسة حرة على المقاعد المتاحة، ثم قدم لمن شئت دعما حسب حاجته، وحسب وضعه وموقعه. مع أني أرى أن التعليم العالي في بلدنا يجب أن يكون متاحا للجميع، وعلى قدم المساواة.
فكل الاستثناءات تلك تخالف مادة المساواة بين الأردنيين في الحقوق والواجبات. كما أنها، أي الاستثناءت، أنهكت الجامعات الحكومية وأفلستها وجعلتها مديونة إلى أبد الآبدين، وشكلت عبئا ثقيلاً على موازنتها، فضلاً عن أنها تخلّف في نفوس من ظلمتهم شعوراً من الاحباط والغيظ يجعلهم يشعرون بالغربة في وطنهم.
الاستثناءات قسّمت المواطنين إلى فئات ودرجات. وهذا الفعل لا ينبي مجتمعا يؤمن بالعدالة، ومبدأ تكافؤ الفرص، بل يترك شروخات لا تزول في الأرواح. فمن منّا لم يقدم لوطنه؟. ومن منا لم يعط؟. كل المهن مهمة وضرورية، من الغفير إلى الوزير. والعطاء ليس مقصورا على أحد، فكل يقدم من موقعه، وحسب طاقته.
لا أدري لماذا نرهق مجتمعنا ونربكه ونشغله، بامتحان سنوي للثانوية العامة، نتحرى فيه الدقة والموضوعية والنزاهة، إذا كنا لا نتخذ المعدل المحصل مسطرة واحدة موحدة من خلالها فقط ينفذ الطالب إلى التخصص الذي يريده في الجامعات الحكومية.
هذه الحال لا تصنع وطنا يشعر فيه الواحد منا بالعدل. بل تخلق في نفس من فاز بالمقعد غير المستحق، بأنه يستطيع أن ينال بالاستثناءات الكثير من الامتيازات، وتولّد لديه عقدة التفوق والتميز. وهنا طامة أكبر وأكبر.