العقبة وسلاسل النقل والتزويد
*بقلم: الدكتور محمد أبو حمور
العقبة هي الميناء البحري الوحيد للأردن وتؤدي دوراً محورياً فيما يتعلق بالصادرات والمستوردات وسلامة سلاسل التزويد والنقل، وخلال السنوات الماضية ارتفعت أهميتها ليس بالنسبة للأردن فحسب بل وبعض الدول المجاورة أيضاً من خلال تجارة الترانزيت خاصة عندما تأثرت العديد من الموانئ العربية بأحداث الربيع العربي وما شهدته بعض الدول الشقيقة من اضطرابات أمنية.
الا أنه ونظراً لاستمرار العدوان على غزة فقد واجهت التجارة العالمية أزمة تتعلق بسلامة عبور البحر الأحمر الذي يشكل ممراً حيوياً لنحو 30% من حركة الحاويات في العالم، وأدت هذه الازمة الى زيادة مسافات السفر لسفن الشحن والناقلات بنحو 30%، هذا بالإضافة الى ارتفاع كلف التأمين والشحن على النقل البحري، مما ساهم في ارتفاع التضخم والتأثير سلباً على الأنشطة الاقتصادية في مختلف الدول وخاصة المطلة على البحر الأحمر بما فيها الأردن.
وتشير بعض الإحصاءات الى انه وحتى نهاية الربع الأول من هذا العام فقد انخفضت الصادرات عبر ميناء العقبة بنحو 180 ألف طن متري عن خط الأساس، أما المستوردات فقد انخفضت بنحو 280 ألف طن متري عن خط الأساس، وفي الحالتين فهي تشكل نسبة تغير تقترب من 50%.
وتعد سلاسل التزويد والنقل ركناً أساسياً من أركان الاقتصاد العالمي وهي تشكل نسبة كبيرة من السلع والمنتجات التي يتم تبادلها بين مختلف دول العالم، كما أنها تتضمن عدداً من الأنشطة التي تولد فرص عمل وتساهم في تلبية الاحتياجات الضرورية للمجتمعات وتحسن الخدمات وتوفر الظروف الملائمة لنمو وازدهار قطاع الاعمال.
ومع الادراك بان الظروف الراهنة أدت الى مشكلة عالمية تواجه مختلف الموانئ على البحر الأحمر وقناة السويس، الا أن ذلك لا يعني تجاهل الإجراءات على المستوى المحلي ودورها في تجاوز ما تتعرض له المنطقة من تداعيات اقتصادية وتأخر وصول بعض البواخر والحاويات والبضائع عن موعدها.
الامر الذي يتطلب تعاون مختلف الجهات المعنية بالنقل البحري بما في ذلك منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وشركة الموانئ وشركات التخليص ووكلاء الملاحة وغيرهم من الأطراف ذات العلاقة للعمل سوياً بشراكة وانسجام لتخفيض الكلف وتسهيل الإجراءات وتقديم ما يلزم من مقدرات لتوفير بيئة تجارية جاذبة لشركات الشحن وتعزيز تنافسية الميناء وتخفيف العبء المالي على الشركات والمواطنين وتوفير ساحات مناسبة لتخزين الحاويات الواردة بكلف تخزينية معقولة.
وفي ذات الاطار لا بد من مراجعة الإجراءات المتعلقة بعمل الجهات المختصة في الميناء وما قد ينتج عنها من تأخير في اخراج البضائع من الميناء، وقد يحتاج ذلك لمراجعة الأنظمة والتعليمات ذات العلاقة وتحديثها بما تتطلبه الظروف الراهنة، ومن المؤكد أن مجموع الخدمات والاجراءات التي يتم القيام بها ترتبط بشكل مباشر بتوفر أسطول النقل البري ومدى كفاءته وقدرته على استكمال عمليات التزويد لتصل الى مختلف المناطق في المملكة وخارجها، وصولاً الى تذليل كافة المعيقات أمام المستثمرين والعاملين في قطاع النقل والنقل البحري والتخليص مما سينعكس ايجاباً على مجمل الأوضاع الاقتصادية.
تتطلب التطورات الراهنة المتابعة والتقييم وتوخي الحذر فيما يتعلق بالآثار الاقتصادية المترتبة عليها، وتستدعي اتخاذ عدد من الإجراءات الكفيلة بالتخفيف منها وهو ما بادرت السلطات الأردنية الى القيام به خلال الأشهر الماضية وما زالت تواصل العمل في هذا الاطار وصولا الى تجاوز الاثار السلبية المترتبة على هذه الاحداث سواءً عبر إجراءات مباشرة تتعلق بالنقل البحري أو عبر العمل على تحسين السياسات الاقتصادية الهادفة الى تحفيز الاستثمارات المحلية وجذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة التعاون والتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة وصولاً الى توفير البدائل التي تضمن استمرار وتحسين نسب النمو الاقتصادي المولد لفرص العمل والذي يساهم في رفع مستوى معيشة المواطن وتحسين الخدمات المقدمة له.