العسعس: مخرجنا في تحفيز النمو وليس الحلول الضريبية

قال وزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية الدكتور محمد العسعس “إن تحفيز النمو الاقتصادي هو المخرج الوحيد من التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن اليوم”.
وكشف الوزير، في مقابلة مع “الغد”، عن زيارة مرتقبة لصندوق النقد الدولي الأسبوع الحالي الهدف منها الاطلاع على أهم التطورات الاقتصادية وما طرأ من تغيير على المؤشرات الاقتصادية، مؤكدا هذه الزيارة لمواجهة الصندوق بـ”حقيقة أنه لا بديل عن تحقيق النمو الاقتصادي للخروج من التحديات الاقتصادية القائمة، وأن الحلول المالية الضريبية ليست الحل، بهدف الوصول الى تشخيص مشترك للتحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن وهذا ما أجهد لمواجهة صندوق النقد الدولي به”.
وأكد أن الحكومة بصدد اتخاذ مجموعة من الإجراءات والخطوات لتشجيع الاستثمار الذي يعد ركيزة أساسية لتحقيق معدلات النمو وخلق الوظائف، ومن ضمنها قانون بديل لقانون الشراكة وتأسيس وحدة جديدة بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، الهدف منها تطوير وتجهيز الافكار الاستثمارية وتسريع عملية الاستثمار.
وبين وزير التخطيط والتعاون الدولي، أنه سيتم تأسيس وحدة أخرى في وزارة التخطيط والتعاون الدولي تحت اسم “وحدة إدارة الاستثمارت العامة” Public Investment Management من خلالها يتم تحديد أولويات الأردن في المشاريع وفقا لعائدها على النمو وعائدها على التوظيف والخدمي ، مشيرا الى أن يزيد من كفاءة الانفاق الحكومي الرأسمالي ومضاعفة نتائجه.
وكشف الوزير عن توجه لإنشاء “صندوق سيادي أردني” يتم تمويله من رساميل المستثمرين ممن يريد من القطاع الخاص وصناديق استثمارية دولية يتم استقطابها، إضافة الى أموال مستثمرين ممن يرغبون في استثمار أموالهم وقد يتم طرحه مستقبلا في سوق عمان المالي لتوسيع قاعدة المشاركة به من المواطنين .

صندوق النقد الدولي
وكشف الوزير عن زيارة مرتقبة لصندوق النقد الدولي الأسبوع الحالي ليس الهدف منها إتمام المراجعة الثالثة وإنما الاطلاع على الأوضاع الاقتصادية وأهم مؤشرات الأداء للاقتصاد الوطني، مؤكدا أهمية هذه الزيارة لإقناع الصندوق بـ”حقيقة أنه لا بديل عن تحقيق النمو الاقتصادي للخروج من التحديات الاقتصادية القائمة، وأن الحلول المالية الضريبية لن تخرجنا من هذه التحديات، والوصول الى تشخيص مشترك للتحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن”.
وأشار الى أن هذه الزيارة staff level visit يقوم بها الصندوق عادة للدول المقترضة أو التي تخضع معه لبرامج إصلاحية بشكل دوري، بهدف متابعة البرامج وما يتحقق من أرقام.
وحول “رسالة النوايا” التي من المفترض إرسالها الى صندوق النقد الدولي من أجل الشروع في برنامج إصلاحي جديد في حال تم الاتفاق على ذلك، قال العسعس “لم يتم البدء بالتفاوض حول برنامج اصلاحي جديد مع الصندوق.
وأضاف العسعس “لن تقبل الحكومة التوقيع على برنامج جبائي، وهذا موقف حكومي”، مشيرا إلى أن الحكومة ستحسب الإيجابيات والسلبيات وستذهب للخيارات الأفضل ليتم إقناع الصندوق بها.
الاستثمار ومشاريع الشراكة
وفي جانب الاستثمار، كشف العسعس عن مجموعة من الإجراءات والخطوات التي تسعى الحكومة للقيام بها؛ إذ يوجد توجه لطرح قانون بديل لقانون الشراكة هدفه تبسيط وتسريع مشاريع الشراكة تمكن المستثمر من معرفة المشاريع التي سيتم طرحها خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
وأضاف: “سيتم ادارة جديدة الهدف منها تحديد وتطوير المشاريع والأفكار الاستثمارية وتجهيز دراسات الجدوى وكل ما يتعلق بها من دراسات قانونية وهندسية وبيئية”، مشيرا الى أن هذا التوجه جاء بعد الدراسة والاطلاع على تجارب الدول الأخرى في هذا المجال، وتشخيص مكامن الضعف الحالي في معالجة هذا التحدي الاقتصادي.
وأوضح أن تأسيس هذه الادارة سيكون بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية IFC، وسيتم تخصيص “صندوق دوّار” لتمويل هذه الوحدة، سيمول هذا الصندوق من خلال منح دولية، بحيث لا تشكل هذه ادارة أي عبء اضافي على الموازنة العامة، وتمول نفسها بنفسها من خلال المنح بداية ومن ثم من خلال المشاريع التي ستستقطبها.
وسيتم، وفق وزير التخطيط والتعاون الدولي، تأسيس وحدة أخرى في وزارة التخطيط والتعاون الدولي تحت اسم “وحدة إدارة الاستثمارت العامة” Public Investment Management من خلالها يتم تحديد أولويات الأردن في المشاريع وفقا لعائدها على النمو وعائدها الوظيفي وعائدها الخدمي.
كما كشف العسعس عن توجه للعمل على تأسيس “صندوق سيادي أردني” يقوم على رؤوس أموال مستثمرين من القطاع الخاص وصناديق استثمارية ودولية يتم استقطابها، إضافة الى أموال مستثمرين يرغبون في استثمار أموالهم وتحقيق عائد جيد عليها.
وأوضح أن هناك أموالا أردنية موجودة وتبحث عن استثمار؛ حيث يعد الأردنيون من أكبر المستثمرين في سوق العقار في تركيا ودبي وغيرهما، ومن الممكن جذب هؤلاء للاستثمار في الأردن من خلال الصندوق، مؤكدا ضرورة التخلص من حالة عدم اليقين التي تسيطر علالمناخ العام الاقتصادي ، خصوصا أن المملكة نفذت وستنفذ كذلك العديد من الإجراءات التي تدعم الاقتصاد الوطني.
وتابع قائلا: “إن العامل الأساسي في هذا المجال هو تعزيز الثقة بالاقتصاد الأردني؛ إذ لا يوجد بديل إلا في رفع الثقة في إمكانية الاستثمار في الأردن ورفع قدرة الاقتصاد على التصدير وجذب الاستثمارات سواء الأردنية أو الأجنبية”.
وأضاف “لا بد من العمل على “منهجية جذب الاستثمار” من خلال تخفيض تكاليف الإنتاج مثل الطاقة والعقار والعمالة وليس الإعفاءات التي لم تأت بالنتائج المرجوة في السابق”، مشيرا الى أهمية الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التي تؤهل الصناعات للدخول الى أسواق متعددة يزيد حجم الاستهلاك فيها على مليار نسمة.
وأكد أن التحدي الرئيسي على المدى القصير اليوم هو استعادة الثقة بقدرة الاقتصاد الأردني على النمو وخلق الوظائف، وجذب الاستثمار من خلال تخفيض كلف الأعمال عبر تخفيض كلف الطاقة وكلف العمالة وكلف العقار، موضحا أن المملكة نجحت، العام الماضي، في تحقيق إصلاحات في بيئة الأعمال، متوقعا أن يحقق الأردن تقدما كبيرا في تقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال الذي تعده مؤسسة التمويل الدولية والمتوقع صدور نسخة العام الحالي منه بنهاية الشهر المقبل.
الوضع الاقتصادي العام
وفي تشخيص حول الوضع العام الاقتصادي، قال العسعس “إن الأعوام الماضية كانت استثنائية على الأردن، ولم يكن بالإمكان التخطيط للصدمات الاقتصادية الخارجية التي تلقاها الأردن خلال هذه الفترة أو التعامل معها بشكل مسبق”.
وأضاف “أن الاستثمار في الأردن كان في أعلى نقاطه قبل الأزمة المالية العالمية في 2008، تلاها هبوط الاستثمارات المتدفقة إلى المملكة وتراجع الصادرات بالتوازي، وما لبث أن بدأ الاقتصاد الوطني في التعافي من الأزمة الأولى نهاية 2010، حتى بدأ الربيع العربي الذي انعكس مباشرة على الأردن، وكان أول هذه الانعكاسات انقطاع إمدادات الغاز المصري الذي كان الأردن يشتريه بأسعار تفضيلية ، مما دفع الاقتصاد الوطني للجوء لخيار التحول لتوليد الطاقة باستخدام الديزل والوقود الثقيل، مما انعكس على الموازنة والدين العام بشكل كبير”.
وتابع العسعس حديثه حول الصدمات الخارجية التي واجهها الاقتصاد الوطني بالنمو السكاني غير المسبوق نتيجة اللجوء السوري الذي زاد من الطلب على الطاقة، كما زاد الطلب على الخدمات الأساسية من تعليم وصحة ونقل وغيرها، الى جانب إغلاق الأسواق التصديرية التقليدية كالعراق وسورية.
وزاد بالتوضيح “للتعامل مع هذه الصدمات الخارجية التي واجهها الاقتصاد الوطني، فقد كلفت الاقتصاد الوطني بمقدار 17.5 مليار دولار؛ مما رفع مديونية المملكة منذ بداية الازمة المالية العالمية وحتى 2017،أي ما يوازي 44 % من الناتج المحلي الإجمالي”.
وأشار الى أن المملكة لجأت للدخول في سلسلة برامج إصلاحية مع صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات الدولية؛ حيث التزم الأردن فيها بإصلاحات مالية عميقة جدا للحفاظ على الاستقرار المالي وتجنب استمرار نمو الديون، مؤكدا أن الإصلاحات المالية المقصودة تعني زيادة الإيرادات من خلال زيادة الضرائب والعبء الضريبي على المواطنين، وتخفيض النفقات من خلال تخفيض الدعم الذي كان يقدم وخفض الاستثمارات التي تقوم بها الحكومة، ما أدى انعكس سلبا على النمو الاقتصادي “.
وقال العسعس “يحسب للاقتصاد الأردني قدرته على الاستمرار في وجه كل هذه الصدمات”. وأكد أن مخرج الأردن من الوضع الاقتصادي الحالي هو التركيز على النمو من خلال زيادة الاستثمارات وزيادة الصادرات، موضحا أن ذلك كان المقتل الحقيقي لاقتصاد المملكة في الأعوام السابقة، ومازلنا نعاني من انخفاض تنافسيتنا في هذا المجال ولا بديل عن تخفيض كلف الانتاج ورفع التنافسية وبالتالي لا يمكن اللجوء الى الحلول المالية والضريبية
وبين أن هناك أمورا عدة يجب المضي فيها بالتوازي للخروج من الأزمة؛ أولها رفع النمو الاقتصادي من خلال زيادة الإنفاق الرأسمالي، ثم تخفيض الإنفاق على خدمة الدين من خلال استبدال القروض الحالية بقروض ذات فوائد أقل من السابقة لإطفاء الدين الحالي الذي يكلف الخزينة نسبا عالية من الفوائد (خدمة الدين). وثالثا زيادة عدد الوظائف التي يخلقها الاقتصاد الوطني لابنائه الاردنيين.
وأوضح العسعس حول القرض الأخير الذي استحق وتم إطفاؤه من قرض آخر من البنك الدولي، أن الأردن كان أمام خيارين؛ إما الذهاب لسندات اليورو بوند بكلفة عالية أو قرض البنك الدولي، خصوصا وأن الإدارة الأميركية حاليا تعيد هيكلة طريقة منحها للكفالات تجاه الدول كافة.
وحول الكفالات الممنوحة من قبل الولايات المتحدة، أكد العسعس أن الأردن ما يزال في مفاوضات مع الإدارة الأميركية لمنح الأردن ضمانات كفالات اقتراض جديدة، وقال: “في حال حصول المملكة عليها سيكون الأردن الدولة الوحيدة التي تحصل على هذه الضمانات منذ تولي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب”.علما بأن الاردن الدولة الوحيدة التي حصلت على 4 كفالات اميركية.
وعاد الوزير للتركيز على إيجاد الوظائف، مبينا أنه قبل العام 2004 كانت نسبة الأردنيين من القوى العاملة 90 %، أما الآن فهي 60 %، ما يحتم ضرورة خلق وظائف في القطاعات التي ينافس فيها الأردنيون؛ أي ضرورة الاستثمار في الخدمات العالية ذات المهارة المرتفعة مثل السياحة العلاجية والتعليمية والخدمات المهنية.
الطاقة وأسعار الكهرباء
وبين العسعس، في هذا الخصوص، أن الأردن التزم بتطبيق خريطة طريق لإعادة هيكلة قطاع الكهرباء مع الصندوق والبنك الدوليين، وقال “إن إعادة التوازن لقطاع الكهرباء لا تكون إلا من خلال التعامل مع إشكاليتين أساسيتين؛ الأولى الديون المتأتية مما تحملته شركة الكهرباء الوطنية (نيبكو) من كلف نتجت عن انقطاع الغاز المصري بقيمة 7.5 مليار دولار، والثانية هي تخفيض كلفة انتاج الكهرباء مستقبلا”.
من خلال استبدالها بديون أخرى أقل كلفة أو إبقائها في شركة الكهرباء الوطنية، وفصل تكلفة خدمتها عن تكلفة استهلاك الكهرباء، وهي دراسة نقوم بها حاليا”.
المرأة الأردنية
وأكد العسعس أهمية زيادة مشاركة المرأة في الاقتصاد، خصوصا أنها تمتلك القدرات الكبيرة ، مشيرا الى أن حوالي 60 % من الباحثات عن عمل هن من حملة الشهادات الجامعية، كما أن عمل المرأة يعني تحسين دخول الأسر وتمكين المرأة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.
ووفقا للعسعس، فإن المشكلة الرئيسية في زيادة توظيف النساء اليوم تكمن في بندين رئيسيين؛ الأول بيئة العمل التي لا بد أن تكون موائمة ومواتية، والثانية في تخفيض تكاليف النقل.الغد

زر الذهاب إلى الأعلى