السعوديّة والأردنّ: رؤية مشتركة لتحقيق التميّز التكنولوجيّ والريادة
* المهندس نضال البيطار
في عصر لا تعرف فيه التكنولوجيا حدوداً، تصبح الشراكات بين الدول أكثر أهمّيّة، إذ إنّ الشراكة المستمرّة وتعزيزها بين كل من المملكة العربية السعوديّة الشقيقة والمملكة الأردنية الهاشمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات هي مصدر إلهام للابتكار والنموّ الاقتصاديّ والتنمية المشتركة، حيث يجمع هذا التعاون بين نقاط قوّة الدولتين، ممّا يخلق تكاملاً يشكّل مستقبلاً أكثر إشراقاً لكلّ من البلدين والمنطقة بأسرها.
وتغطّي المملكة العربيّة السعوديّة أكثر من 2 مليون كيلومتر مربّع وتضمّ سكّاناً يبلغ عددهم 36 نحو مليون نسمة، ممّا يجعلها قوّة اقتصاديّة على مستوى العالم، حيث يبرز الناتج المحلّيّ الإجماليّ البالغ أكثر من تريليون دولار قوّتها الماليّة، وبالمقابل، تتمتع المملكة الأردنية الهاشمية التي تغطّي مساحة 89,342 كيلومتر مربّع وتضمّ سكانا يبلغ عددهم نحو 10.5 مليون نسمة، بناتج محلّيّ إجماليّ سنويّ قدره 47.5 مليار دولار.
ومع ذلك، لا يكمن التركيز هنا فقط على الأرقام – إنّما يتعلّق الأمر بالاستفادة من مزايا كلّ بلد لتعزيز التعاون، فالاقتصاد السعوديّ ليس مبيّناً على النفط وحده، إذ لديه قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات القويّ أيضاً، حيث تعتبر التكنولوجيا جزءاً أساسيّاً من خطّة السعوديّة الطموحة “رؤية 2030″، الّتي ترسم مساراً لنموّها.
كما أنّ المملكة العربيّة السعوديّة تعتبر أكبر سوق لتكنولوجيا المعلومات والاتّصالات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بقيمة تتجاوز 32.1 مليار دولار ممّا يهيّئ لتطوير مختلف القطاعات الأخرى نحو تحول رقمي بسرعة فائقة.
كما يتوقع أن يصل حجم سوق قطاع تعهيد تكنولوجيا المعلومات في المملكة العربية السعودية إلى 802.70 مليون دولار أمريكي في عام 2023.
وبالتوازي، تُظهر التوقعات أن حجم سوق قطاع تعهيد عمليات الأعمال سيصل إلى 0.57 مليار دولار أمريكي في العام ذاته.
من ناحية أخرى، يمتلك الأردنّ بيئة غنيّة بالابتكار والمواهب ومنظومة ريادة أعمال نشطة ومميزة، خاصّة أنّ الأردنّ يعتبر بوّابة إلى عدد كبير جدّاً من دول العالم من خلال اتّفاقيّات التجارة الحرّة والثنائيّة الّتي تمكّنه أن يصل بمنتجات وخدمات المستثمرين فيه – سواء أردنيّين أو ضيوف – إلى أكثر من 160 دولة، في حين أنّ قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات في الأردنّ يشهد نموّاً بسرعة فائقة، بالإضافة إلى الحوافز مثل الضرائب المفضّلة والرواتب المدعومة، ممّا يجعله مكاناً مثاليّاً للمستثمرين الّذين يبحثون عن بيئة مشجّعة ومثاليّة.
بالإضافة إلى ذلك، نجحت الأردن خلال السنوات القليلة الماضية في تموضع نفسها كمقدم رائد لخدمات تعهيد تكنولوجيا المعلومات وعمليات الأعمال (ITO/BPO)، مدعومة ببنية تحتية قوية ومجموعة من المواهب المؤهلة، كما أن الشركات الأردنية سواء المتخصصة منها في مجالات التكنولوجيا المالية، وتكنولوجيا التعليم، والتجارة الالكترونية، والألعاب الرقمية، والأمن السيبراني، والبرمجة، وغيرها أثبتت مواكبتها التطور المتسارع للتكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وتقنية سلسلة الكتل، وعلم البيانات، والواقع الافتراضي والمعزز، وغيرها مما يجعلها شريكًا ذو قيمة مضافة للمملكة العربية السعودية.
وتكمن قوّة هذه الشراكة بين السعوديّة والأردنّ في إمكانيّاتها للتعاون، من خلال المشاركة في الفعاليّات ذات الصلة داخل حدود بعضهما البعض، إذ تساهم هذه الفعاليّات في تعزيز تبادل الخبرات والابتكار نحو ازدهار الاقتصاد في كلا البلدين، كما أنّ تنظيم فعاليّات مشتركة سيؤدّي أيضاً إلى تحقيق تأثير إيجابيّ لكلا البلدين.
كما أنّ نتائج تعزيز هذه الشراكة ليست مقتصرة على السعوديّة والأردنّ فحسب، بل ستساهم في عمل تأثير تتّسع دائرته في في كافّة دول المنطقة، لاسيّما انّ الأثر الإيجابيّ يتعدّى نموّ الاقتصاد، حيث يعزّز من فهم أعمق والتعاون الثقافيّ المتبادل والتقدّم التكنولوجيّ الّذي يعود بالفائدة على المنطقة بأكملها.
وتتوافق هذه الشراكة مع رؤية 2030 للسعوديّة ورؤية التحديث الاقتصاديّ للأردنّ، حيث تركّز كلتا الرؤيتان على التنمية المستدامة والابتكار، فمن من خلال تكامل مواردهما وخبراتهما، والعلاقات السياسية والاخوية المتميزة بين البلدين والتي ارسى قواعدها قيادة البلدين، تمهّد هاتين الدولتين طريقاً نحو مستقبل أكثر إشراقاً وتقدّماً تكنولوجيّاً ورقميّاً، كما أنّهما يساهمان أيضاً في تقدّم العالم العربيّ بأكمله وأبعد من ذلك.
*الرئيس التنفيذيّ لجمعيّة شركات تقنية المعلومات والاتصالات في الأردن – إنتاج