الدكتور مصطفى العفوري يحذر: (سنتذيّل) العالم في العلوم والرياضيات بفعل إختلالات (الحقول)

كرم الإخبارية – حاورتهُ : بثينه تيم السراحين
حذر القطب التربوي البارز الدكتور مصطفى العفوري من ” وجود خلل واضح وكارثي ترافق وتحديد متطلبات (الحقول) لطلبة الثانوية العامة؛ وتحديداً الحقل الصحي منها” وفق تأكيده. متسائلاً ” هل يُعقل أن يحمل الطالب شهادة الثانوية العامة في الفرع العلمي دون أن يدرس الرياضيات والفيزياء؟!.. وذلك على الرغم من شمولهما شكلياً ضمن متطلبات الدراسة المدرسية”.
ونوه مدير عام مدارس النظم الحديثة إلى أن “التنافس الحرّعلى المقاعد الجامعية يفقد المصداقية والنزاهة إذا ما زادت مجاميع المنح والمكرمات التعليمية عن (20%) من مجملها”.. في حين دحض مزاعم إنعدام الدقة بالتصحيح عبر تقنية الماسح الضوئي والتي أطلقها بعض أهالي طلبة (التوجيهي).. وذلك في معرض حديث صحفي مطول أسهب خلاله في التعقيب على المشهد التربوي والتعليمي برمته؛ وتالياً نصّه:
*كيف تقيمون نتائج طلبتكم في توجيهي 2008م؟ وما تقييمكم لنتائج الإمتحان على نطاق عام والذي انقسمت الآراء حوله ما بين من يراه كان ميسراً للغاية (كنسخة أقرب للتجريبية) وما بين من أظهر إستياءه مما وصفوه بأفخاخ ومطبات تخللت إمتحان اللغة الإنجليزية على وجه التحديد؟
-نتائجنا جاءت طبيعية جداً لمستوى طلبتنا وعلاماتنا ظهرت متقدمة بشكل عام. لكن مثل هذا الإمتحان لا يمكن أن يعكس بأي صورة المستوى الحقيقي للطالب لأنه يعتمد على المواد الإنسانية فقط ويخلو تماماً من أية مادة علمية؛ وخاصة ما يسمى الرياضيات الأساسية والطبيعيات؛ والتي تعتبر من أركان التقييم الشامل.
وبناءًعليه؛ يظهر هذا الإمتحان بسيطاً ميسراً للبعض، وفيه بعض مواقع الإستنتاج للبعض الآخر؛ وبالنتيجة لا أعتبر هذا الإمتحان من أساسيات التقييم.
*وقعتم في مدارس النظم الحديثة إتفاقية تعاون مشترك مع المؤسسة الوطنية للخدمات الجامعية؛ كم طالب لديكم أفاد منها عموماً ومن منحها التعليمية تحديداً؟ وإلى أي حد أسهم هذا التعاون في منح طلبتكم فرص التعليم الجامعي الفضلى محلياً ودولياً؟
-ما زال الموضوع معلقاً بين أولياء الأمور والمؤسسة؛ والسبب هو إنتظار الأهالي لقوائم القبول الجامعي الوطني الرسمي. فيما حصل عدد قليل من الطلبة على هذه الإمتيازات.
*مدارسكم حصلت هذا العام على إعادة الإعتماد من قبل هيئة الإعتماد الدولي ( AI)؛ كيف انعكس هذا الإعتماد على نسبة إقبال وثقة أهالي الطلبة بكم كخيار متميز ووازن لتعليم أبنائهم؟
-بالتأكيد كان له أثر كبير في ثقة الأهالي بالمدارس؛ وخاصة بعد شريط الفيديو الذي سجله رئيس هيئة الإعتماد.
*بحضور شخصيات مرموقة ووزير التربية والتعليم عقدتم مؤتمر نموذج الأمم المتحدة في مدارسكم وسبق لكم تنظيم إنتخابات ” المجالس البلدية للأطفال”؛ ما الدافع من تكثيف مجهودكم لجهة أدلجة الجيل الصاعد ومحاولة تخصيب روحه بقيم مواطنة وإنتماء وولاء مضاعفة في هذه المرحلة تحديداً؟
-بالطبع كان لحضور دولة الدكتور عبدالرؤوف الروابده ومعالي الدكتور عزمي محافظه أثر بالغ على إنجازات الطلبة المشاركين؛ ولعلّ أهمّ إنجاز تحقق هو إصرار مجموعة واعدة من الطلاب والطالبات على تنظيم مؤتمر محاكاة نموذج الأمم المتحدة لهذا العام أيضاً وبحضور مميز لشخصيات ذات أهمية قصوى؛ مما سيؤهل المدارس للتقدم إلى برنامج جائزة سمو ولي العهد، وكذلك جائزة جلالة الملك عبدالله للتميز.
* نفذتم يوم عمل خيري وجهد تطوعي لصالح مركز الحسين للسرطان؛ كيف تغذي نشاطاتكم التطوعية قيمة الدمج الجمعي وروح المؤاخاة والتعاضد المجتمعي في البنية المعنوية لطلبتكم؟
-من المعروف أن مدارسنا ولسنوات عديدة تنفذ يوم عمل خيري سنوياً، وأحياناً لمرتين أو أكثر. حيث يشارك الطلبة والمعلمين بإيجابية وروح مجتمعية عالية.
*أخضعتم مشرفات حافلاتكم (الباصات) لدورات إسعاف أولي؛ هل انعكس الأمر لجهة تلافي مخاطر بعينها على الطلبة؟ وماذا عن تفاصيل الدورات التأهيلية الأخرى التي أخضعتم كوادركم لها في السنة الأخيرة؟
-بطبيعة الحال إن إشراك المرافقات والسائقين لدينا بمثل هذه الدورات يساهم في الإرتقاء بمستوى الخدمة ورفع درجة الأمان إلى أعلى المستويات.
*خبير علم الإجتماع البروفيسور حسين الخزاعي حذر مما أسماه مؤشرات خطيرة تتهدد مستقبل المجتمع الأردني؛ وذلك في معرض حديثه عن نتائج إمتحان التوجيهي 2025م؛ مدللأ بأن ما يزيد عن 20 ألف طالب سجلوا لهذا الإمتحان لم يتقدموا له؛ بينما رسب من المتقدمين للإمتحان ما يزيد عن 71 ألف طالب؛ متسائلاً عن المستقبل الذي ينتظر هؤلاء في ظل تفاقم ظاهرتي الفقر والبطالة؛ وعجز الجامعات عن إستيعاب كافة الناجحين لمحدودية المقاعد والمنح وإرتفاع كلفة التعليم على غالبية الأسر؛ تعقيبك؟
-للأسف جميعنا يعلم بأنّ كل من يلتحق بالتعليم الأكاديمي يصل إلى الثانوية العامة دون عملية تهذيب للمتقدمين. وبالتالي يصل بعض الطلاب إلى مرحلة الإمتحان دون أن يمتلك الحد الأدنى من القدرات التي تؤهله لذلك. وبالطبع كان يفترض أن يكون هؤلاء الطلبة في برامج أخرى من التعليم المهني الموازي وبرامج سوق العمل.
*بنت الآذن أسيل أبو دية (معدلها 95 %) وعامل الكراجات خليل الغزاوي (معدله 98.8%) يناشدان الجهات المعنية لمساعدتهما في دراسة الطب؛ هل تؤشر مطالبهم إلى تقاعس القطاع الخاص عن تولي مسؤولياته المجتمعية بالقدر المطلوب خاصة وأن الحكومة تقدم دعماً وفيراً عبر مكرماتها ومنحها التعليمية لشريحة واسعة من طلبة الجامعات؟
-بإعتقادي أن هؤلاء الطلبة من ضمن اللذين يستحقون برامج المنح والدعم الحكومي. كما ونعلم أن هناك جمعيات وأشخاص يتبنون مثل هذه الحالات، وندعو الله أن ييسر لهم تحقيق أمنياتهم.
*أولياء أمور طلبة توجيهي نفذوا إعتصامات ووقفات إحتجاجية أمام مقر وزارة التربية والتعليم مطالبين بإعادة تصحيح دفاتر إمتحانات أبنائهم بالطرق التقليدية؛ حيث شككوا في تقنية (الماسح الضوئي) المعتمدة في تصحيح الإمتحان؛ برأيك هل مطلبهم محق أم أن النتائج دقيقة ولا يشوبها الخطأ التقني؟
-أعتقد بعدم وجود أية مشكلات في تقنية الماسح الضوئي؛ وإلا كانت ستظهر في جميع الدفاتر، لأنّ بعض الطلبة إمّا أن ينقل الإجابة في مكان غير صحيح أو أخطأ في عملية التظليل.
*يقدر خبراء تربويون بأن المكرمات التعليمية الجامعية تقضم ما يراوح 50% إلى 60% من المقاعد الجامعية الحكومية؛ هل يبدو الأمر مخلاً بقيمة العدالة عبر التنافس الحر بين كافة الطلبة على أسس نسبة التحصيل والمعدلات؛ بل والتفوق العلمي في “التوجيهي”؟
-بالتأكيد فإنّ التنافس الحرّ على المقاعد الجامعية يفقد المصداقية والنزاهة إذا ما زادت مجاميع المنح والمكرمات التعليمية عن (20%) منها.
*فوضى المراجع التعليمية المطبوعة والمنصات المتعددة المتاحة لطلبة التوجيهي وأثرها لجهة تشتيت تركيز الطلبة وتبديد جهودهم ووقتهم؛ هل بات يستدعي الأمر من الجهات الرسمية محاولة ضبطها وترشيدها وتقنينها بالطرق التي تجدها مناسبة؛ وإن عجزت لأسباب فوضى التكنولوجيا هل بات الأمر يتطلب جهداً إرشادياً وتوجيهياً منها؟
-بالتأكيد هذه فوضى هدّامة وليست خلاقة بأي حال من الأحوال، والحمد لله أن وزارة التربية والتعليم والجهات المعنية قامت بوضع نظام وأسس لتلخيص هذه المنصات والتي نتوقع أن تنظم أعمالها وتخضع للرقابة والتدقيق.
*قرر مجلس التعليم العالي السماح للطلبة الحاصلين على شهادات ثانوية عامة أجنبية في سنوات سابقة التقدم بطلبات للقبول الموحد والمنافسة على نسبة مخصصة لهم ضمن المقاعد الإجمالية المخصصة للطلبة حملة شهادات الثانوية العامة الأجنبية في البرنامج العادي؛ وذلك إنطلاقاً من مساعي تحقيق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين الطلبة حسب هذا القرار؛ والذي نبتغي رأيكم فيه؟
-كان قرار مجلس التعليم العالي إيجابياً ويحقق مصلحة لطرفيّ المعادلة؛ سواءً من حملة الشهادات الوطنية؛ وكذلك الأجنبية.
*هل تؤيدون قرار وحدة تنسيق القبول الموحد في وزارة التعليم العالي تقليص أعداد القبول في تخصصي الطب وطب الأسنان ضمن خطة إصلاحية محكمة لمعالجة مشكلة البطالة والركود المهني؛ خاصة في ظل وجود أكثر من 4 آلآف طبيب عاطلين عن العمل حالياً؛ وإلى أي حدّ أسهم القرار في خفض أعداد المُلتحقين بالحقل الصحي في مدارسكم وسائرها من مدارس ثانوية وفق إطلاعك؟
-بإعتقادي أن القرار شكلياً إيجابي ومبني على أسس منطقية، لكن للأسف رافق هذا القرار ضعف شديد في متطلبات المواد لطلبة الحقل الصحي والتي اقتصرت على مادتين علميتين فقط، مما نتج عنه أن ما يزيد عن نصف طلبة المملكة قرروا الإلتحاق بالحقل الصحي دون النظر إلى القبولات الجامعية. وهذا سيولد مشكلة قد تصل إلى حدّ الكارثة في نهاية العام الدراسي الحالي لطلبة الصف الثاني عشر.
وللأسف هناك خلل واضح وكارثي عند تحديد متطلبات بعض الحقول وأهمها الحقل الصحي، فهل يُعقل أن يحمل الطالب شهادة الثانوية العامة في الفرع العلمي دون أن يدرس الرياضيات والفيزياء؟!؛ وذلك على الرغم من شمولهما شكلياً ضمن متطلبات الدراسة المدرسية.
وهنا أودُّ أن أكرر التحدي نفسه بأن تعقد الوزارة إمتحان للرياضيات في الصف الحادي عشر بعيداً عن المدارس وينجح فيه (1%) من الطلاب. فنحن نلاحظ الآن تراجعاً حاداً وفقداناً يكاد يكون شاملاً لدى هذه الفئة من الطلاب لأبسط المهارات الرئيسية في الرياضيات والطبيعيات.
وبالطبع ستنتقل العدوى إلى الصفيّن العاشر والتاسع نتيجة المعرفة السابقة للطلبة بعدم أهمية هذه المباحث مستقبلاً، وبذلك أستطيع الجزم بأننا سنتذيّل قائمة الدول على مستوى العالم في الرياضيات والعلوم؛ وستفقد شهادة الثانوية العامة الأردنية قيمتها العالمية التي بُنيت عليها خلال (75) عاماً؛ وفي غضون عامين فقط.
*احتفت منصة جو أكاديمي التعليمية بحصول 31 طالب من طلبتها من أصل 35 على المراكز الأولى في قائمة أوائل المملكة لعام 2025م بكافة الفروع التي أصدرتها وزارة التربية والتعليم؛ هل يعدُّ هذا الحصاد تميزاً فعلياً للمنصة المذكورة أم أنها مجرد شريك لجهات بعينها لا يمكن إغفالها في تحقيق هذه النتائج المتقدمة والمتميزة؟
بالتأكيد منصة جو أكاديمي – وعلى الرغم من تميزها وتميّز أداء معلميها – إلا أنها تتشارك مع الجهات التعليمية الأخرى سواء كانت مدارس أو معلمين في صقل النتائج والإنجاز.
*(42) نزيلاً في مراكز الإصلاح والتأهيل نجحوا في إمتحان التوجيهي2025م؛ وذلك دون مساندة من تطبيقات ومنصات تعليمية؛ وقد حظي هؤلاء بتكريم من قبل جهاز الأمن العام والذي وفر لهم كافة الوسائط التعليمية الممكنة؛ إلى أي حد يعكس نجاحهم صورة حضارية ومشرقة عن التعليم في بلدنا وحرصه على تمكين الفرد من التعلم بغض النظر عن تعاظم معضلاته؟
-أستطيع أن أثمّن وأقدّر جهود المشرفين على مراكز الإصلاح لوعيهم وحرصهم على دعم ومساندة النزلاء الذين أبدعوا في إنجاز وتجاوز مرحلة مهمة من مراحل حياتهم مما سيتيح لهم أن يكونوا عناصر مُنتجة ومبدعة في وطنهم.
وأنتهز الفرصة لشكر الأجهزة المعنية وتقديم المباركة والتهنئة للناجحين. فيما أحثُّ من لم يتقدموا من النزلاء على أخذ العبرة والإندماج مستقبلاً في مثل هذه البرامج.