الدكتور مصطفى العفوري : “شغفي” قضم زهاء عمري.. وطلبتي يتبوأون مواقع مؤثرة في الحياة!
كرم الإخبارية – حاورتهُ : بثينه تيم السراحين
شدد القطب التربوي البارز الدكتور مصطفى العفوري على أن مسيرته الطويلة في سلك التربية والتعليم لم تدفعه للندم عليها رغم مشاقها وتحدياتها؛ معللاً الأمر بأن ” الشغف” كان وراء مواصلته لهذه الطريق التي كان أجملها ” معاينتي لطلبتي يتبوأون مواقع مؤثرة في الحياة”؛ وفق قوله.
وأيد الخبير التربوي التعليم بنظام “البيتك” والذي يعتبره “الحل المستقبلي للبطالة المتفاقمة بين فئات الشباب لأسباب تتعلق بالزيادة البشرية الهائلة من خريجي التخصصات الراكدة”. حسب ما يفسره” هذا نظام تعليمي عالمي؛ و(البيتك) فضائلهُ ستتضح من خلال مقدرته على منع تغريب العمالة وتوطين الأيادي العاملة في السوق؛ وإلغاء الحاجة للتدريب العملي اللاحق للدراسة الأكاديمية الجامعية”.
وفاخر الدكتور العفوري بأن مدارس”النظم الحديثة” – التي كان أسسها ويشغل اليوم منصب مديرها العام ” تواصل عاماً بعد عام سياستها الإستراتيجية لجهة رفد المنظومة التعليمية لديها سواءً بالمعلمين ذوي الخبرة والكفاءة أو بالطلبة ذوي الأداء المتميز والطموح العالي”.
.. وتالياً تفاصيل أخرى للحوار الذي خصنا به في وكالة كرم الإخبارية:
*كيف تقرؤون نتائج الثانوية العامة لهذا العام؟ وهل تعكس تفاوتاً في نوعية التعليم بين المدارس الحكومية والخاصة؟
– ما زالت النتائج تراوح مكانها من حيث الثبات، وهي تعكس المستوى الطبيعي للطلبة والنتاجات المتوقعة. ومع وجود الوسائل المساعدة للطلاب مثل بعض المنصات التي تقدم محتوى متميز أصبح بالإمكان تضييق الفجوة بين المدارس الحكومية والخاصة؛ حيث يتم تمكين الطالب في أيّ من القطاعين للحصول على محتوى إضافي يلبي حاجاته
*ما هو تفسيركم لإنخفاض نسبة الطلبة الحاصلين على معدل 90% فما فوق في الفرع العلمي هذا العام بنسبة تقريبية 20% مقارنة بالعام الماضي؟
– النتائج كانت طبيعية؛ والإمتحان في هذا العام أكثر إلتزاماً بجدوى المواصفات وأكثر دقة في التمييز بين مختلف مستويات الطلاب؛ مع مراعاة أنها حافظت على نفس نسب النجاح.
*الأولى على الفرع العلمي كانت طالبة من مدرسة حكومية، ماذا تقول عن ذلك؟
– هي درست في مدرسة حكومية متميزة “مدرسة الملك عبدالله الثاني للتميز”، وهذه المدارس تُعنى عناية خاصة بالطلبة المتميزين في المدارس الحكومية، وتعين كفاءات عالية، وبالتالي هي أقرب لأن تكون إلى مدرسة خاصة.
*في كل عام يكون طلبتكم ضمن لوائح الشرف للأوائل على مستوى المملكة، بماذا تعلق على ذلك؟ وكيف تحافظون على الريادة والتميز سنة وراء سنة؟
– تواصل مدارسنا “النظم الحديثة” عاماً بعد عام سياستها الإستراتيجية في رفد المنظومة التعليمية لديها سواءً بالمعلمين ذوي الخبرة والكفاءة أو بالطلبة ذوي الأداء المتميز والطموح العالي.
*ما هو رأيك في النظام الجديد لإمتحان الثانوية العامة الذي يمتد على مدار سنتين وتقسيم التخصصات إلى أكاديمي ومهني منذ الصف العاشر؟
– لا شك أن هذه خطوة جدية وجادة من أجل تطوير التعليم الثانوي أولاً؛ ثم إمتحانات الثانوية العامة، وأنا مع هذا النظام مع قليل من التحفظات على بعض تفاصيل السنة النهائية (الصف الثاني عشر).
*لتجويد النظام التعليمي تتجه وزارة التربية والتعليم لمأسسة (بنوك أسئلة لطلبة المدارس)، فهل سيفاقم ذلك معضلة الحفظ والتلقين على حساب الفهم والإستيعاب أم سيحول دون تشتيت الطالب وسيعزز حمايته من مصادر تعلم غير مُجوّدة أو مُحكمة؟
– بنوك الأسئلة معتمدة عالمياً؛ وأنا أشجع هذه الخطوة مع وضع ضوابط وشروط واضحة لمن سيقوم ببناء هذا البنك من إمكانيات علمية؛ وسعة إطلاع أكاديمي؛ وقدرة على الدراسات المسحية لمستويات الطلبة وحاجات المجتمع.
*”التوجيهي” في الأردن هو المرجعية الوحيدة المعتمدة للقبول في كينونات التعليم العالي والجامعات؛ فهل تولي وزارة التعليم العالي الأمر القدر الكافي من الخطط والإستراتيجيات الرامية لتطوير هذا الإمتحان؟
– لا علاقة لوزارة التعليم العالي بتطوير إمتحان “التوجيهي”؛ لأن هذا إمتحان دوري يمثل إنجازات الطالب الدراسية؛ وإنما هذا من صلب إختصاص وزارة التربية والتعليم والتي نأمل أن تكون ديناميكية وإيجابية من حيث المسوحات الميدانية لدراسة مخرجات برامج تطوير التعليم الثانوي.
وفي نفس الوقت أتمنى أن يكون لوزارة التعليم العالي دور في تجاوز إمتحان الثانوية العامة وعقد إمتحانات قبول جامعي.
*نظام (البيتك) في الأردن يسمح بدمج الدراسة النظرية مع التطبيق العملي؛ مما يعُدُّ خريجيه لمتطلبات العمل الحقيقية ويزيد فرص تشغيلهم مستقبلا؛ ناهيك عن تأهيلهم لخيار التعليم العالي إن رغبوه.. برأيك هل يؤدي هذا النظام التعليمي أغراضه المنشودة فعلاً، ومن ناحية أخرى هل تعتريه ظاهرة التسرب؟
– بداية هو نظام عالمي وليس مخترع أردني يحتاج إلى تطوير (تدريب) ويتم تطبيقه في كل الدول المتقدمة على مستوى التعليم أو إعتماد برامج شبيهة به. وهو المستقبل لحل مشكلة البطالة التي تواجه خريجين كُثر؛ حيث أن معظمهم غير مؤهل لسوق العمل المهني مما يضطر المؤسسات إما لإستقدام عمالة وافدة أو إعادة تأهيل وتدريب خريجي الجامعات على مهن بعيدة تماماً عما درسوه في الجامعات.
*نسبة البطالة بين فئة الشباب إرتفعت من 38%إلى 43% خلال العقد الأخير؛ فهل يدعونا ذلك للتساؤل عن جدوى التعليم إن كانت آفاقه التشغيلية مغلقة؟ أم أن الأمر بات يستدعي ربط التعليم بسياسات فاعلة لناحية إنضاج مستقبل واعد للشباب؟
– هذا وضع طبيعي لهُ مسببان رئيسيان: الأول؛ الزيادة البشرية الهائلة في خريجي التخصصات الراكدة وعدم قدرة المؤسسات العامة والخاصة مجتمعة على إستيعاب هذا الكم من الخريجين.
والمسبب الثاني؛ هو عدم وجود هيئات تثقيفية تُعنى بتوجيه الطلبة وأولياء أمورهم في نهاية مرحلة التعليم الأساسي لناحية إختيار مسارات تعليمية تناسب إمكانيات أبناءهُم وحاجيات المجتمع.
*أنت تربوي مؤرّخ وعريق صاحب تجربة ثرية إمتدت لنحو خمسة عقود من الزمن.. ما خلاصة نصيحتك للجيل اللاحق بك في السلك التربوي والتعليمي؛ وهل ساورك الندم أم امتلأت بالرضى عن مسيرتك الطويلة هذه؛ وكيف تخطيت عراقيلها؛ وما أجمل ما تحقق لك منها؟
– أنا منغمس بهذه التجربة منذ ثمانية وأربعون عاماً؛ ولستُ نادماً عليها ولو أعادها الزمن لن أتردد في خوضها مرة ثانية، ولكني أنصح جميع من يعمل في هذا القطاع بأن يكون مرناً في التكيف وإعادة التكيف والإستجابة السريعة لمتطلبات التطوير والحداثة دون إغفال الأصالة والعراقة.
وأما عن وصفة الإستمرارية في مسيرتي هذه؛ فهو شغفي بالتعليم. وأجمل ما حصل لي من هذه التجربة هو فرحتي كلما أرى أفواجاً من طلابي يتبوأون مواقع مؤثرة في الحياة.