الإعلام كسلاح
أنس عبدالكريم العدوان
في عالم اليوم، أصبح الإعلام أحد أهم الأدوات التي تشكل ملامح القوة والتأثير على الساحة الدولية. فبينما كانت الدول تقيس قوتها في الماضي بقدرتها العسكرية والاقتصادية، باتت القوة الناعمة، ومنها الإعلام، أداة استراتيجية قادرة على تغيير مسارات السياسة والاقتصاد وحتى الثقافة. قنوات عالمية عديدة تمثل نموذجاً بارزاً لهذا الدور.
الإعلام في مواجهة السلاح
في عصر المعلومات، لا يمكن تجاهل أن الإعلام يلعب دوراً يعادل – إن لم يكن يتفوق – على دور السلاح التقليدي. فمن خلال الإعلام، يمكن التأثير على الرأي العام، تشكيل الوعي الجماعي، وإحداث تغييرات سياسية واجتماعية واسعة. قنوات استطاعت خلال تغطيتها للحروب والثورات أن تصبح صوتاً مؤثراً ليس فقط في المنطقة العربية، بل أيضاً على مستوى العالم.
بينما يستثمر البعض في تطوير الجيوش وشراء الأسلحة، هناك من أدرك أن الاستثمار في الإعلام يمنح قوة أكبر بوسائل أقل كلفة وأكثر استدامة. الإعلام يستطيع أن يصل إلى القلوب والعقول، بينما السلاح يبقى أداة للتدمير الجسدي فقط.
قنوات عربية تجاوزت حدود العمل الإعلامي التقليدي لتصبح قوة دبلوماسية غير رسمية. فمن خلال منصاتها، ساعدت على تسليط الضوء على قضايا عادلة، وحشدت دعمًا عالميًا لقضايا معينة، ما جعلها أداة قوة ناعمة استثنائية.
الاستثمار في الإعلام كاستراتيجية
لتعظيم التأثير الإعلامي، يجب على الدول والمؤسسات أن تستثمر في تطوير منصاتها الإعلامية، وتوظيف التكنولوجيا والابتكار في تقديم المحتوى. كما يجب التركيز على بناء مصداقية الإعلام وتقديمه بمنظور يعكس الحقيقة، وليس فقط الدعاية.
الإعلام ليس مجرد وسيلة لتقديم الأخبار، بل هو سلاح إستراتيجي قادر على تغيير موازين القوى، تحقيق المصالح الوطنية، ونقل الرسائل بأكثر الطرق فاعلية. ما حققه الاعلام في تركيا وحماية الانقلاب وفي سورية بدعم الثورة وتوجيه بوصلة الشارع الى الانقلاب يُظهر كيف يمكن للإعلام أن يكون أقوى من أي سلاح.
في النهاية، يبرز الإعلام كأحد أهم استثمارات العصر الحديث. إنه وسيلة تعزز من قوة الدولة الناعمة، وتحمي مصالحها، وتضعها في موقع القوة دون الحاجة إلى اللجوء للسلاح التقليدي ، نعم يجب أن تتجه البوصلة الى الاستثمار في سلاح اعلامي ضخم بحكمة واستراتيجية .
*مستشار اعلامي