الأمن المائي وأزمة السدود

أنواع الأمن التي يحتاجها الإنسان والوطن كثيرة–منها الأمن القومي والوطني والاقتصادي والوظيفي والمعيشي والمائي وغيرها–ويبرز الأمن المائي في هذه الأيام من بين أولويات الأمن سواء في شقيه الزراعي أو للشرب.

من المعلوم أن الأردن فقير مائيًا- وفقير من حيث الأمطار على الأقل في هذه الأيام التي نعيشها مع أنه لم يكن كذلك–كان نهر الأردن متدفقا والأمطار تزيد عن الحاجة–وهناك الكثير من الينابيع على مستوى الأردن يستفيد منها الناس للشرب والزراعة. فما الذي حدث–جفت مياه نهر الأردن–بسيطرة اليهود على مصّابه وتحويلها–وتلوث كثير من الجداول والينابيع بسبب الصرف الصحي.

ولأننا حكومات لا تؤمن بالاستراتيجيات طويلة المدى–وإنما تصريف شهري أو سنوي حسب عمر الحكومات فقد غاب التخطيط الاستراتيجي لحل أزمة المياه–بالرغم من الحديث المستمر عنها. هناك في الأردن ١٤ سداً بعضها للشرب مثل الوحدة والوالة والموجب والبعض للزراعة.

تبلغ نسبة التخزين حسب تقارير مختلفة من ٣٢٥ مليون م٣ يؤمل رفعها الى ٤٠٠ مليون م٣–في حين ان نسبة التخزين الحقيقية لا تتجاوز ١٠٣.٦ م٣، وهناك سدود صحراوية وبرك وحفائر ما مجموعه ٤١١ موقع حصاد مائياً.

سأتحدث بصفتي مزارعاً مستفيداً من سد الملك طلال، وأراقب باستمرار نسبة تخزينه وما يصرف منها للزراعة–وأمر بجانب سد وادي شعيب الذي أصبح الطمي فيه أكثر من المياه–دونما تنظيف وكذلك الحال سد الملك طلال بالنسبة لتنظيفه لتحسين نوعية المياه ورفع نسبة التخزين–أما سد الكرامة القريب منا على مرمى النظر فكانت كلفته ٥٥ مليون دينار في أرض سبخة شديدة الملوحة–لم يستفد منه بأكثر من مليون وربع المليون م٣ من المياه. مما جعل انشاءه وإدامته كارثة مائية.. أريد أن الفت نظر وزارة المياه والري وسلطة وادي الأردن تحديدا إلى منطقة تمتد من قرية عيرا حتى مشارف الكرامة–هي سد طبيعي يمكن أن يشكل بديلا لسد الكرامة وبكلفة أقل ويمكن الاستفادة منه للزراعة الغورية في منطقة الكرامة والشونة–والمياه للشرب لمحافظة البلقاء.

إن سلة الاردن الغذائية في خطر، وأقصد منطقة الأغوار–وأود أن انوّه إلى أن التخفيضات الجديدة لحفر الآبار لم تساهم في دفع عجلة الاقدام عليها من تخفيف الحيازة الزراعية والكفالة المطلوبة لبدء الحفر وهي عشرة آلاف دينار.

إنني وأنا أعايش سلطة وادي الاردن كثيرا–وأحتك معهم وأشكر لهم حرصهم على توزيع المياه بعدالة ما أمكن–لكنني أود القول انه وحتى في حالة وفرة المياه–فإن المياه التي كانت تتدفق على الوحدات الزراعية سابقا قبل تنفيذ مشروع الضخ الجديد ( والنقّاصة) الجديدة كان أفضل–فالمياه لم تكن تكفي–وهناك قضية جديرة بالنظر وهو أن عملية الضخ مرتبطة بمساحة الوحدة دون الأخذ بعين الاعتبار عدد الأشجار–ومقدار حاجتها للمياه–ووقت نضجها الذي يحتاج أكثر–وتداخل زراعة الخضراوات مع الأشجار المثمرة–نحن نربي الشجرة كما نربي أطفالنا ويعز علينا أن نراها تذبل أو تموت–قبل ثماني سنوات لن نشرب من الناقل–أما ري المزروعات على امتداد الوادي فهو بحاجة إلى خطة استراتيجية قصيرة المدى واخرى طويلة المدى–ولابد من رصد ما تحتاجه الخطة من اموال في ميزانية الدولة فهذا من الاولويات.

(الرأي)

زر الذهاب إلى الأعلى