الأردن.. موئد حضارة مزمنة بهمُة (صُنّاعها) الأوائل.. والرّماح لهم شواهد!

خاص ل” كرم الإخبارية – بقلم: بثينه تيم السراحين

تناطح (صناعة الأردن) سحاب المجد حدّ أن لا جهالة تطالها ولا غبار يعلق بنقائها البهيّ لعين الأعمى قبل المبصر.. فهي معمّرة منذ زمن جدنا النبطي الذي لا يزال (صنيعه) مبتغى لكل أهل الأرض ممن يأتون وطننا سعيا لمعاينة (صناعته) التي ترمز لتاريخه قبل سعيهم للسياحة والمرواح في ربوعه التي تكنز في كلّ شبر فيها أثر وإرث (صانع) خلف هنا مقتنياته بسواعده التي حفرت الصخر لتعلن من قولبته حكاية أولى (صناعاتنا الوطنية) وتسطر بها تاريخاً مزمناً يحاكي قصة الأردني الذي طهّر هذه الأرض من كل طامع وغاز حين كان أول (صنيعه) رمحٌ لولاه لما كنّا سطّرنا سيرتنا بين الشعوب رمزاً للشهامة والكرامة.
(والصناعة) بذلك هي مهد الهوية الأردنية التي سُخّرت لها سواعدنا السمراء؛ فلم تكن يوماً محضُ حكاية ( بزنس وتربُّح) كما يعتقد أهل الجهالة ممن يحاولون عبثاً تهميشها؛ في حين أنّها تسمو عن هذه النظرة الضيقة لتعكس الهوية الأردنية الخالصة وبدونها لا يُعرّف الأردن ولا تكتمل قصته وروايته؛ (فالصناعة) في بلدنا هي حرفة بدأت مع أول فارس أهّل لفرسه الأصيلة “سرجاً” ولحدّاد نصالٍ سنّ “حربته” بهمّة استعصت على المُنقّبين في إرث السلف الأول الإتيان على توصيف عظمتها.
وتلك (الصناعات) الأولية – وإن دلت على شيء – فهو أن الأردن لمع نجمه منذ فجر التاريخ على يد (صناع ) حياة أشاوس لا يأكلون ولا يعتاشون ولا يصدُّون الغزيّ عن حماهم إلا بما (صنعته) أياديهم؛ وأحترفتهُ عقولهم وأفئدتهم قبل سواعدهم الفتية من أدوات و(صناعات) وحِرف مواتية لمعالم حياة سبقت عصرها بقفزات متواترة عبر الأيام والسنون نحو الحداثة ومواكبة متطلبات النهضة البشرية؛ ولمن ينكر فالشواهد من (صناعاتنا) الوطنية الأصيلة ما تزال كثيرة وحاضرة في كل مدننا وقرانا وبوادينا. وهي منذ الأزل وحتى عهدنا هذا (صناعات) ذات خصوصية صقلت هويتنا الوطنية ولها يعود الفضل في تمايز بلدنا عمّن سواه؛ ولترقيته إلى مرتبة مقدّرة على نطاق دوليّ.
والحال كذلك؛ فإن الخسّة والوضاعة في النوايا الخبيثة تتجلى في ذات كل من يحاول إنكار حضارتنا، والتي قامت بمكملها على ركائز (صناعاتنا) البدائية والأولية؛ ممن تلاحقت آليات تطويرها وتوسيعها إلى أن باتت اليوم واحدة من أهم النشاطات الإنسانية في الأردن التي تحظى برعاية ملكية حثيثة؛ بل وبمفاخرة سيد البلاد وراسم سياساته الرشيدة ممن أشاد بمقدراتها ومفرزاتها وبهياكلها الإنسانية في أكثر من مقام ووجه لجهة إيلائها الرعاية الفائقة والمناخات المواتية لتظل بذات الصورة البهية، والتي نرصدها عبر أرقام مُشرفة لحجم نشاطها ومردودها على الدخل القومي ونسبة مساهمتها الواسعة فيه؛ والتي تكاد تكون الأكبر على مستوى إقتصاديات الوطن.
وكما نرصدها من خلال معاينة إنعاشها للحياة في بيوت عشرات آلآف الأردنيين ممن تشغلهم هذه (الصناعات) وتُدار بسواعدهم وتزدهر بجهودهم المخلصة؛ ولتمضي نحو السعي لترسيخ دورها كواحدة من دروع الأمن الإقتصادي الوطني وكثغر من ثغور الذود عن حماه حين تواصل تغذيته بروافد الإستقرار؛ بل والنمو الإقتصادي عاماً تلو الآخر.
.. ولكل من تعامى عن هذه الحقيقة الدامغة؛ فليفتح مغاليق روحه قبل عينه العوراء ليُبصر حقيقة أن لا منعة للوطن دون (صناعات) تُغذي شريانه ؛ وبأن الوطن بمكمله (صنيعتهم) ووديعتهم الثمينة والعزيزة مذ سنّوا أولى رماحه إلى أن شاعوا إسمه في الأرض وأرجائها عبر بلورة تمايزه دولياً برسم وختم (صنع في الأردن).

زر الذهاب إلى الأعلى