الأبعاد التنموية لتحديث القطاع العام

بقلم: الدكتور محمد أبو حمور

يعتبر العمل على بناء ادارة حكومية أكثر فاعلية وكفاءة من أهم ما تسعى اليه جهود تحديث القطاع العام عبر الاهتمام بتوسيع نطاق الخدمات الرقمية ومواكبة التحولات التكنولوجية التي يشهدها عالم اليوم وصولاً الى رفع نسبة النمو الاقتصادي عبر تحسين الخدمات والارتقاء ببيئة الاعمال وتوفير الظروف الملائمة لتحفيز الاستثمار وتشجيع الانشطة الاقتصادية المولدة لفرص العمل وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

ولا شك بأن تكامل الجهود الاصلاحية في مختلف المجالات الاقتصادية والادارية والسياسية يمثل شرطاً لنجاح الاصلاح الشامل خاصة في ضوء ما يشهده الاقليم من مصاعب وتحديات تؤثر بشكل واضح على مجمل الاوضاع الاقتصادية في المملكة.

يضاف الى ذلك ما نتعرض له من ضغوطات محلية مثل ارتفاع أعباء الدين العام والعجز المزمن في الموازنة العامة وارتفاع نسبة الانفاق الجاري، ونسب البطالة المرتفعة خاصة بين الشباب، والنمو الاقتصادي الذي لا يرقى الى مستوى الطموحات، كل ذلك يتطلب مزيداً من العمل لتحقيق تنمية مستدامة تشمل مختلف المناطق وسائر فئات المجتمع .

وفي هذا السياق يعتبر توفر البيانات المناسبة والموثوقة وذات الجودة العالية وبتوقيت ملائم عاملاً حاسماً في تحديث القطاع العام، والارتقاء بأنظمة الحوكمة الرشيدة والمحاسبة والمساءلة وتحسين السياسات المؤسسية بالاعتماد على مؤشرات ومعايير أداء تنعكس بشكل مباشر على نوعية وكلفة الخدمات التي تقدم للمواطنين وعلى مستوى التحسن في البيئة الاستثمارية وأثر ذلك على تحسين المؤشرات التنموية ذات العلاقة.

ولهذه الغاية لا بد من توفر كفاءات وموارد بشرية على سوية عالية وبنية تحتية تتيح تحليلاً علمياً ودقيقاً للبيانات وتمكن من استخدام ما يتم التوصل له من نتائج وتوصيات على أرض الواقع عبر تحسين نوعية القرارات والاستعداد لمواجهة ما قد يظهر من تحديات وفرص مستقبلية ، وهذا بمجموعه سينعكس على كفاءة أداء المؤسسات الحكومية وتعزيز ثقة المواطنين.

كما تمثل الشفافية عنصراً مهماً في تحسين الخدمات والارتقاء بالتفاعل المثمر بين مقدمي الخدمات والمستفيدين وتساعد في تمكين المواطن من ادراك حجم وأهمية الجهد والمصادر التي تخصص لخدمته وتوفير وقته وجهده، وبالتالي سوف نحصل على تغذية راجعة تعزز الجوانب الايجابية وتلفت الانتباه الى الأولويات وميادين تحسين الخدمات التي ترتقي بمستوى المعيشة وتساهم في تحسين مستوى الرفاهية للمواطن .

خلال السنوات الأخيرة شهدنا العديد من قصص النجاح في تقديم خدمات راقية للمواطنين، وهي مثال لما يمكن أن يتم القيام به لتعزيز ثقة المواطنين وتعزيز انتمائهم خاصة وأن الأردن لديه نخبة من الكفاءات المميزة المستعدة للبذل والعطاء والإنتاج والتحسين.

وهنا تكمن أهمية مواصلة الجهود التي تبذل لاتمتتة الخدمات والارتقاء بمستواها وتقديمها بشفافية وعدالة وفق أفضل المعايير وبما يساهم في تحفيز الأنشطة الاقتصادية وتحسين مستوى حياة المواطنين.

 

زر الذهاب إلى الأعلى