الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للاستراتيجية الوطنية للاشتمال المالي 

بقلم: الدكتور محمد أبو حمور*

أطلق البنك المركزي الأردني في العاشر من هذا الشهر الاستراتيجية الوطنية للاشتمال المالي والتي تغطي الفترة 2023- 2028، وتسعى هذه الاستراتيجية الى تطبيق سياسات وتنفيذ برامج تساعد في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتنمية اقتصادية واجتماعية تشمل مختلف شرائح المجتمع وسائر قطاعات الاعمال.

ومن أبرز الأهداف التي يتم السعي لتحقيقها رفع نسبة الاشتمال المالي من 43% الى 65%، ورفع نسبة ملكية الحسابات المالية للمنشآت المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر من حوالي 52% الى 75%، وتقليص الفجوة الجندرية من 22% الى 12%.

ولتحقيق هذه الأهداف سيتم العمل على توفير منتجات تمويلية وتأمينية وادخارية مناسبة لمختلف الشرائح المستهدفة وتعزيز الثقافة المالية وغيرها من الإجراءات ذات العلاقة، ومن المؤكد أن السير بهذه الخطوات وصولاً الى تحقيق الأهداف يحتاج الى شراكة فاعلة مع مختلف الأطراف الفاعلة في القطاع المالي وهذا ما سيعزز من إمكانية وصول الافراد وقطاع الاعمال الى الخدمات المالية المناسبة، وبما ينسجم مع ما تسعى رؤية التحديث الاقتصادي لتحقيقه.

ومع ان الاستراتيجية تستهدف كافة القاطنين على أرض المملكة، الا انها تركز على استهداف الفئات وقطاعات الاعمال غير القادرة على الوصول أو المستبعدة عن الخدمات والمنتجات المالية مثل الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر، والعاملين في القطاع غير الرسمي والنساء والشباب واللاجئين.

تعزيز الاشتمال المالي عبر اتخاذ الإجراءات المناسبة والمتسقة مع الظروف والمتطلبات الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك توفير البنية التحتية المناسبة وفهم وتلبية احتياجات المستفيدين مع الحرص على بناء شراكة فاعلة مع الأطراف ذات العلاقة كل ذلك يشكل مقدمة ليلعب الاشتمال المالي دوراً محورياً على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وذلك من خلال المساعدة على دمج المنشآت والفعاليات الاقتصادية ضمن الهيكل الاقتصادي الرسمي.

كما أن ذلك يوفر الامكانية لجذب مزيد من المدخرات وتقديم الخدمات المالية لمزيد من الشرائح الاجتماعية مما يساعد على تلبية الحاجات الاستثمارية والاستهلاكية والتي بدورها ترفع نسب النمو الاقتصادي وتعمل على توسيع الأنشطة الاقتصادية وترفع من وتيرة التنافسية،د.

كما أن توسيع الاشتمال المالي يساعد على مواجهة التغيرات الطارئة وتجنب المخاطر التي قد يتعرض لها بعض الافراد أو المؤسسات والمرتبطة بجهات تمويلية غير رسمية ، كما أن القطاع المالي بشكل عام يستطيع تحقيق قدر أكبر من الاستقرار نتيجة لتنوع المحفظة المالية لمؤسساته وتوسع قاعدة العملاء والمستفيدين وتطور الخدمات والمنتجات والتوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة.

ويساهم الاشتمال المالي في تحسين وصول الخدمات المالية لمختلف فئات وشرائح المجتمع بغض النظر عن أماكن سكنهم ومستوى دخلهم ويتيح الفرصة لهم للحصول على تمويل مناسب وهذا ينعكس على تحسين توزيع الدخل ويساعد على مكافحة الفقر، كما أن توفر إمكانية الوصول الى مصادر تمويلية يؤدي الى التأثير ايجاباً على سوق العمل وتوليد مزيد من الفرص، وكذلك فان استخدام التكنولوجيا الحديثة يساعد الجهات الرسمية على إيصال الدعم لمستحقيه بكفاءة وبأقل كلفة.

توسيع نطاق الاشتمال المالي يعد وسيلة لتحقيق الأهداف التنموية من خلال العمل على دمج الفئات المستبعدة من التمويل الرسمي وهو بذلك يشكل أداة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر تحسين مستوى المعيشة وتمكين المرأة وتعزيز تكافؤ الفرص، وإتاحة المجال للحصول على التمويل الذي يحافظ على استدامة المشاريع الصغيرة ويساهم في تطورها ونموها ما يعني توليد مزيد من فرص العمل وتقليص نسب الفقر وتحقيق جانب من العدالة وتوسيع نطاق المشاركة الاقتصادية وتحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام

بمعنى أن الاشتمال المالي يدعم التمكين الاقتصادي الذي يمتد أثره ليشمل مختلف فئات المجتمع ومنحهم الفرصة للمساهمة في الأنشطة الاقتصادية وتعزيز قدرتهم على الإنتاج والاستفادة من الفرص المتاحة، مع الإقرار بحق مختلف المؤسسات والافراد في الحصول على الخدمات المناسبة لاحتياجاتهم، ومن المتفق عليه أن تعزيز المدخرات وتوجيه الموارد المالية بشكل كفؤ يساهم في رفع مستوى رفاه المجتمعات ويحسن مستوى معيشة المواطنين.

*وزير المالية الأسبق

زر الذهاب إلى الأعلى