اغتيال الجعفراوي..قادم غزة الاخطر

بقلم: أسامة الرنتيسي

بعد سنتين ويومين من القصف والإبادة في غزة، وبعد أن نجا الصحافي المبتسم دائما صالح الجعفراوي من وحشية الكيان الذي قَتل 250 صحافيا عن سبق إصرار وترصد، اغتالت يد الغدر الجعفراوي بعد أن خطفته عصابة مسلحة وعذبته ست ساعات ثم أطلقوا عليه سبع رصاصات.

ما ينقص غزة بعد هذه الأيام الصعبة والسنتين الكبيستين أن تنتشر فيها العصابات المسلحة التي ظهرت فورا وبعد أنسحاب قوات الكيان المحتل، لتأخذ كل جهة حقها بأيديها، هذا استمرار للإبادة الجماعية ، والإبادة الأخلاقية، ولا يستحق شعب غزة الذي ضحى بكل شيء أن يعيش هذه الساعات المريرة.

استُشهد 250 صحافيًا بقذائف المحتل، لكن قَتْل الجعفراوي  بهذه الطريقة كان وقعه على الغزيين، وعلى كل من عرفه وشاهد فيديوهاته صعبًا للغاية، حد الفاجعة.

أيموت من هلل بوقف الحرب في فيديو لا يتعدى الدقيقة لا تستطيع إلا مشاهدته وإعادة تشغيلة عشرات المرات لأن الفرحة التي خرجت من عيني صالح اختزت أوجاعا كثيرة، فهو كان يحلم بهذا اليوم، وحتى أنه قال حتى الحلم كان صعبًا علينا.

الصحافية المتميزة والمختصة بشؤون الطفل نادين النمري كتبت منشورا قالت فيه “في دراسة عملتها إنقاذ الطفل الأردني عن السلامة الرقمية لليافعين كان فيها سؤال عن الناشطين على السوشيال ميديا الأكثر تأثيرًا في اليافعين في الأردن ونتيجة وقتها كانت لافتة إن صالح الجعفراوي كان الأكثر تأثيرًا في الفئة العمرية ١١ – ١٧ وكان له دور في رفع الوعي بين هذه الفئة بالإبادة اللي عم تصير بغزة. اليوم تم اغتيال صالح، هذا الاغتيال ما كان لشخصة بس هو اغتيال للكلمة ولصوت الناس وللحقيقة ضمن عملية ممنهجة بتستهدف الإعلام بكل أشكاله والصحافيين لحتى يكونوا إما شهداء أو يجبروا على ترك بلدهم. الله يرحمك يا صالح”.

جريمة اغتيال صالح نشرت فورا في وسائل التواصل الاجتماعي ففاضت الصفحات التي تتحدث عنه وعن دوره في فترة حرب الإبادة، وكيف كان عنصرا إيجابيًا في بث  التفاؤل والأمل بِغَدٍ أفضل.

المأساة الكبرى أن تُترك غزة لأهلها حتى يتحاسبوا على أيام تلك السنتين، وما قد حدث فيها، وأن لا يكون هناك قوة وقانون يحتكم إليهما الناس.

غزة تعرضت لأكبر من زلزال وإبادة وتغيير في ملامحها الجغرافية والمكانية، لكن الزلزال الحقيقي هو ما وقع من ظلم ومآسٍ أصابا أرواح الناس ونفسياتهم، فقد ضربت هذه الحرب كل القيم والمبادىء.

شعب غزة بحاجة إلى سنوات من العلاج النفساني حتى يعود المرء إلى طبيعته البشرية والإنسانية، فما عاشوه وشاهدوه أكبر مما يتخيلة العقل.

لا تصدقوا فيديوهات مشغولة بعناية من قبل فضائيات وجهات لها مصالح، تظهر الغزيين وكأنهم جبابرة هذا الزمن، لا تؤثر فيهم أعداد الشهداء من الأهل والأحباب، ولا الدمار الشامل الذي أصاب حياتهم ومنازلهم، هم بشر مثلنا يريدون الحياة ما استطاعوا إليها سبيلا.

الدايم الله…

زر الذهاب إلى الأعلى