اشبعتهم شتمًا… وفازوا بالأبل
التاريخ كما يقول لينين «يعيد نفسه بصورة مأساة أو ملهاة».. ولعمري فها هو يعيد نفسه بصورة كارثية…فلا نجد في ظل هذا الزمن العربي الرديء، والفلسطيني المحزن..
الا أن نكرر ما قاله بدوي ذات يوم، وقد فقد إبله، وهي اعز ما يملك بدوي في الصحراء، معللا عجزه.. بأنه اوسع اللصوص سبا وشتما ولكنهم أخذوا الابل.!!
وها نحن نوسع العدو الصهيوني وحليفته أميركا سبا، ونرميهم باقسى انواع الشتائم،وكل ذلك لم ولن يثنيهم عن تنفيذ أهدافهم، فها هم مستمرون في عدوانهم المبرمج.. مصممون على فرض الامر الواقع، واقامة مشروعهم الصهيوني «الابرتهايد».. وهو ما عبر عنه بالتفصيل، ما يسمى بقانون « القومية « الصهيوني العنصري، وملخصه:
أن فلسطين من البحر الى النهر هي أرض اسرائيل، وان الشعب الفلسطيني عبارة عن جالية غريبة تعيش على ارض اسرائيل، ليس لها الحق في تقرير المصير، ولا الحق في اقامة دولة فلسطينية مستقلة، بل في اقامة حكم ذاتي.!!
وباستعراض سريع للمشهد الفلسطيني، منذ توقيع كارثة «اوسلو» 1993، نجد ان القيادة الفلسطينية فشلت فشلا ذريعا –وخلال مفاوضات استمرت ربع قرن- في اقناع قيادة العدو في تنقيذ بنود هذا الاتفاق،وخاصة اقامة الدولة الفلسطينية على الارض الفلسطينية، التي احتلت في حزيران 67، وعاصمتها القدس الشريف..
هذه الاتفاقية –الكارثة..والتي حقق فيها العدو أكثر مما حلم، وأكثر مما يحلم ويتوقع، وهو اعتراف قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، بالدولة الصهيونية على 78 % من ارض فلسطين التاريخية، وهي التي نص ميثاقها على تحرير فلسطين من البحر الى النهر.. فهي الوطن الحصري للشعب الفلسطيني، لا ينازعه فيه أحد.
كما نصت «اوسلو» هذه، على تأجيل اخطر وأهم خمس قضايا الى المرحلة النهائية، والتي لا ولن تنعقد، وهذه القضايا هي «القدس، اللاجئون، الاستيطان، المياه والحدود»..
ما اعطى العدو المجال لرفع وتيرة الاستيطان، ورفع وتيرة تهويد القدس، وشن حرب تطهير عرقي قذرة، ليس لها مثيل في تاريخ الاستعمار، ادت الى تدمير مئات الالوف من المباني السكنية، وخاصة في القدس، وتسمين المستوطنات واقامة بؤر استيطانية، ليرتفع عدد المستوطنين اليوم لاكثر من مليون مستوطن، واحاطة القدس بسوار من المستوطنات يفصلها عن اراضي ومدن وقرى الضفة الغربية، واقامة جدار فصل عنصري، ادى الى مصادرة مئات الالوف من الدونمات الزراعية..
كل ذلك وأكثر منه.. ادى الى استيلاء العدو على 67 % من اراضي الضفة، 86 % من اراضي القدس، وتحويل الضفة الغربية الى مجرد جزر معزولة، لا تسمح مطلقا باقامة دولة متصلة جغرافيا عليها، مما ادى الى سقوط حل الدولتين عمليا.
المفاوضات فشلت.. رغم التنازلات الهائلة التي وصلت الى مرحلة الخيانة العظمى بالاعتراف بكيان ىالعدو الغاصب على ارض فلسطين العربية التاريخية..
ورغم ذلك لا تزال القيادة مصرة على عدم الخروج من مستنقع «اوسلو».. وعدم تمزيق ورقة الاعتراف بدولة العدو/ وتصر على البقاء في مربع المفاوضات/ رغم فقدها زمام المبادرة..والابقاء على حالة «مكانك سر»..!!
وهي تعلم علم اليقين ان العدو استغل هذه المفاوضات ابشع استغلال لفرض الامر الواقع.. يسانده ويدعمه عدوان اميركي غير مسبوق، بدء بالاعتراف بالقدس العربية المحتلة عاصمة لكيان العدو الغاصب، ولم يكتف بذلك، بل امر «ترامب» بقطع المساعدات المالية عن» الاونروا» تمهيدا لتصفية قضية اللاجئين، والغاء حق العودة المقدس الذي اقره المجتمع الدول بنص القرار»194»… واكدت عليه الامم المتحدة اكثر من «100» مرة.
وفي هذا الصدد نجد لزاما الاشارة الى موقف دولة اسلامية واحدة من قضية القدس، وهي اندونيسا التي اجبرت استراليا على التراجع عن قرارها بنقل سفارتها الى القدس المحتلة،عندما هددت اندونيسا بالغاء الاتفاقيات التجارية معها، والبالغة مليارات الدولارات.
وهذه رسالة الى كافة الدول العربية والاسلامية بالكف عن ترديد خطاب التنديد الخشبي، واللجوء الى مقاطعة الدول التي تدعم العدو الصهيوني..
فهذا هو الاسلوب الفعال.. وهذه هي الطريقة الامثل لاجبار هذه الدول الى اعادة حساباتها، وعدم الخضوع للضغوط الاميركية الصهيونية.
باختصار..
ما احوجنا الى ترجمة اقوالنا الى افعال،كما فعلت اندونيسا، والخروج من حالة اللطم والندب، والصراخ العبثي، واللجوء الى الفعل الموجع والمؤثر، ونعني الى مقاطعة الدول التي تدعم الكيان الصهيوني… وسوى ذلك سنبقى نبكي الاطلال والديار…
ونردد مقولة العجز التي اطلقها ذلك البدوي المفجوع مواسيا نفسه:
«اوسعتهم شتما وفازوا بالابل»
ولاحول ولا قوة الا بالله.