استثمار الطاقات المحلية لتعزيز النمو الاقتصادي

بقلم: الدكتور محمد أبو حمور

تشير البيانات الى تحقيق الأردن انجازات مميزة خلال الفترة الأخيرة، بدءاً من تعزيز علاقاته الدولية التي تجلت في الزيارات الملكية لعدد من الدول الآسيوية ورغبة العديد من الدول بتطوير وتعزيز علاقاتها وشراكاتها الاقتصادية مع المملكة، وصولاً الى التقرير الايجابي الذي أصدره صندوق النقد الدولي بعد اتمام المراجعة الرابعة بموجب تسهيل الصندوق الموسع، والمراجعة الأولى لبرنامج تسهيل المرونة والاستدامة.

يضاف لذلك عدد من المؤشرات الايجابية بما فيها استقرار معدل التضخم ونجاح البنك المركزي في الحفاظ على استقرار سعر الصرف ومراكمة احتياطات اجنبية قياسية.

كذلك نمو الصادرات وتحويلات المغتربين والدخل السياحي وغيرها من المؤشرات الايجابية.

كل ذلك يعكس قدرة الاقتصاد الاردني على التأقلم ومجابهة التحديات والازمات الاقليمية والعالمية، الا أن العمل الممنهج لتحقيق نمو اقتصادي مستدام ومولد لفرص العمل لا بد وأن يستند الى استثمار الطاقات الداخلية الكامنة والتي تشكل ركيزة لبناء اقتصاد متين ومنتج.

يتمتع الأردن بميزة أساسية تتمثل في الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي، وهذه البيئة المستقرة تشكل عامل جذب حيوي للاستثمار الأجنبي والمحلي على حد سواء.

ولغايات الاستفادة من هذه الميزة لا بد من الاستمرار في تبسيط الإجراءات البيروقراطية وضمان سهولة ممارسة الأعمال ضمن بيئة تشريعية مستقرة وشفافة، مع ضرورة تعزيز الثقة والشراكة بين القطاعين العام والخاص باعتبار ذلك مفتاحاً لضخ المزيد من الاستثمارات التي تحتاجها البنية التحتية والقطاعات الحيوية.

يُعد رأس المال البشري الأردني المؤهل والمتعلم أحد أهم العوامل التي يمكن أن تشكل علامة فارقة في مسيرة التنمية، واستثمار هذه الكفاءات يتطلب بيئة عمل محفزة، وتشريعات تدعم الابتكار وريادة الأعمال وتوفير الحوافز اللازمة لرواد الأعمال الشباب لإنشاء شركات ومشاريع، مما يساهم في توليد فرص العمل وخفض معدلات البطالة.

كما لا بد أن نضع في اعتبارنا ضرورة تعزيز التحول نحو الاقتصاد الإنتاجي ، فالأردن يمتلك موارد طبيعية نستطيع الاستفادة منها بشكل أفضل، مثل الفوسفات والبوتاس، والتي تشكل حجر الزاوية في الصناعات التعدينية والأسمدة.

بالإضافة إلى التركيز على الصناعات الغذائية والدوائية، وهذا يضمن زيادة الصادرات وتحقيق الاكتفاء الذاتي في سلع أساسية،  يتطلب ذلك العمل على ضخ استثمارات لتحديث الصناعات القائمة ودعم سلاسل الإمداد المحلية، مما يعزز القيمة المضافة للمنتج الأردني، كما أن القطاع الزراعي يمكن أن يشكل رافعة اقتصادية وداعماً للأمن الغذائي، ما يستدعي التركيز على الزراعات الحديثة والموفرة للمياه، واستغلال التنوع المناخي الذي تتمتع به المملكة.

تعزيز النمو الاقتصادي في الأردن هدف يمكن تحقيقه  من خلال تبني رؤية اقتصادية متكاملة ترتكز على الاستغلال الأمثل لرأس المال البشري، ودعم القطاعات الإنتاجية الرئيسية، والحفاظ على بيئة استثمارية جاذبة، مع الوعي بأن تحقيق النمو المستدام الذي تنعكس آثاره على مستوى معيشة المواطن يكمن بالأساس في استغلال واستثمار العوامل الداخلية الكامنة التي يمتلكها الأردن، والتي تشكل ركائز أساسية لبناء اقتصاد قوي ومنتج.

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى