اتساع “نظام الفترتين” يهبط بجودة التعليم
ما يزال نظام تعليم “الفترتين” المعمول به في عدد من المدارس، يهبط بجودة التعليم مشكلا أرقا لدى الطلبة وذويهم، فيما اتسعت المشكلة بشكل لافت خلال جائحة “كورونا” المستجد، والتي فرضت تطبيق بروتوكول صحي، يشترط توفير مسافة متر مربع بين كل طالب وآخر داخل الغرفة الصفية، و2 متر مربع خارج الغرفة الصفية.
ويرى أولياء أمور وتربويون، أن هذا النظام أثر “سلبا” على تحصيل الطلبة الأكاديمي، لأسباب، منها، قصر وقت الحصة الدراسية مقارنة مع وقت الحصة في مدارس الفترة الواحدة، في ظل تفاوت قدرات الطلبة.
ويشير تربويون إلى أن قصور أو ضعف التخطيط الاستشرافي، وقلة الموارد المالية، وعدم وجود أراض لإنشاء أبنية مدرسية عليها، فضلا عن قرار وزارة التربية والتعليم بقبول جميع الطلبة من كل المراحل والصفوف، دون وجود أسس تراعي القدرة الاستيعابية للمدارس، كان له الاثر الكبير في زيادة أعداد المدارس التي تعتمد نظام الفترتين، والتي تشكل 19 % من مجموع المدارس الكلي البالغ عددها نحو 4 آلاف مدرسة.
ويقول خبراء، إن اعتماد نظام الفترتين الصباحية والمسائية لاستيعاب أعداد الطلبة المتزايد، يفرض اختصار وقت الحصة الصفية، كما يضيع على الطالب عبر سنة دراسية وقت كبير، اضافة الى حقه في ممارسة الأنشطة الطلابية والتعليمية في المختبرات والمرافق المدرسية، وغياب البيئة التعليمية الجاذبة، ما يؤثر سلبا على الدافعية للتعلم لدى العديد من الطلبة.
فعدم وجود وقت كاف لتعزيز العملية التعليمية للطلبة سواء المتفوقون أو الذين يعانون من بطء أو صعوبة بالتعلم، يحرمهم من أي برامج تعليمية أو إثرائية، كما يؤثر على قدرات الطلبة في امتلاك المهارات الأكاديمية والحياتية والشخصية، وعلى أدائهم في الامتحانات والاختبارات الوطنية عبر محطاتهم التعليمية،
وبالتالي على مستقبلهم المهني والحياتي، وفق خبراء.
ويعتبرون أن تلك “التحديات”، تشكل عوائق كبيرة أمام التعليم الفعال، الأمر يضعف مُخرجات التعليم، فالمدارس الحكومية صارت تعاني من ضغط كبيرة على خدماتها، وتراجع كبيرة في مخرجاتها، نتيجة التركيز على الكم، وليس النوع.
على أن وزارة التربية، تؤكد وجود تحديات في بناء المدارس، تتمثل بعدم توفر قطع أراض في المناطق المأهولة بالسكان، ومحدودية المخصصات المالية، إذ يبلغ متوسط كلفة إنشاء مدرسة واحدة نحو 2 مليون دينار.
وتوضح أنها لجأت إلى نظام الفترتين، بسبب وجود أعداد كبيرة من الطلبة المُسجلين في المدارس الحكومية، مُشيرة إلى أن عدد الطلبة الذين انتقلوا من المدارس الخاصة إلى الحكومية، العام الحالي، بلغ ما يقرب من الـ 70 ألف طالب وطالبة.
وتضيف “الوزارة” أن عدد المدارس التي تعتمد نظام الفترتين، ارتفع من 806 مدرسة العام الدراسي 2019 / 2020، إلى 826 العام الدراسي الحالي، يلتحق بها نحو نصف مليون طالب وطالبة، منهم حوالي 200 ألف طالب وطالبة يُداومون في نظام الفترة الثانية (المسائية).
وكانت غالبية المدارس الحكومية واجهت بداية العام الدراسي الحالي مشكلة في استيعاب الطلبة الجُدد، ما دفع وزارة التربية والتعليم إلى وضعهم على قوائم الانتظار، جراء عدم وجود متسع لهم في المدارس، ليتم بعد ذلك استيعاب كل الطلبة المنتقلين إلى المدارس الحكومية، وذلك عبر اتخاذ عدة خطوات، من بينها اللجوء لنظام الفترتين والتناوب.
هذه المشكلة برزت بشكل لافت خلال جائحة فيروس كورونا المستجد، في ظل تطبيق بروتوكول صحي، اشترط توفير مسافة متر مربع بين كل طالب وآخر داخل الغرفة الصفية، و2 متر مربع خارج الغرفة الصفية، الأمر الذي يفتح باب التساؤلات حول ما تواجهه “التربية” من تحديات لبناء مدارس جديدة وماهية وكيفية تجاوزها؟.
وفيما يعد انتقال الطلبة من المدارس الخاصة إلى الحكومية أمرا روتينيا يحدث سنويا، اذ تتراوح أعداد الطلبة المُنتقلين بين 30 ألفا و50 ألف طالب وطالبة، تسببت جائحة كورونا، وتفعيل نظام التعلم الإلكتروني (عن بعد)، بقفزة وصفت بـ “الهائلة” خلال العام الحالي والعام الماضي، حيث بلغ عدد الطلبة المنتقلين من “الخاصة” إلى “الحكومية” خلال العامين نحو 200 ألف طالب وطالبة، وهو رقم لم يسبق تسجليه.
سمية بركات، ولية أمر رزان إحدى طالبات الصف الثامن الأساسي، تشير إلى ما عانته مع بداية العام الدراسي الحالي، قائلة “ذقت الأمرين، وانا ابحث عن مدرسة حكومية تقبل ابنتي”، وتابعت “كنت دائما ما اجد نفس الإجابة ما عنا وسع.. بنحطها على قوائم الانتظار”.
وتضيف “في نهاية المطاف، تم قبول رزان في إحدى المدارس الحكومية، باعتباره الخيار الوحيد للأسرة، في ظل تآكل الدخل الذي ضاعفته أزمة كورونا، وارتفاع الأقساط بالمدارس الخاصة”.
وتوضح بركات أن رزان التحقت في مدرستها، التي تُطبق نظام الفترتين، وكان نصيبها في الفترة المسائية أو ما يُعرف بـ”الثانية”، مؤكدة أن هذا الأمر أثر على تحصيلها سلبا، إذ لم تعد تولي الدراسة اهتماما كما كانت بالسابق.
وتعزو سبب تراجع تحصيل ابنتها إلى “وقت الحصة، الذي يعتبر غير كاف مقارنة مع زمن الحصة في مدارس الفترة الواحدة، والتي تبلغ مدتها 45 دقيقة”، موضحة أن زمن الحصة العادي، والمتعارف عليه، “بالكاد يكون كافيا لشرح الدرس، خصوصا وأن قدرات الطلبة متفاوتة، فالبعض يحتاج لوقت أطول، حتى يستطيع استيعاب المفاهيم بشكل جيد، ما يتطلب من المُعلمة، أحيانا، إعادة الشرح، والذي يكون على حساب التفاعل والمشاركة داخل الغرفة الصفية”.
وتبين بركات أن ضيق الوقت غيب حصصا تعتبر محفزا للطالبات، كحصص الفن والرياضة، ما جعل ابنتها غير متحمسة للذهاب إلى المدرسة، فهي ومنذ دخولها الغرفة الصفية حتى خروجها، تتلقى المعلومات واحدة تلو الأخرى، بلا توقف.
وشاركتها بالرأي زميلتها في نفس الصف، هبة محمود، قائلة “إن نظام الفترة المسائية يمنعها من تحضير دروسها بشكل مناسب، بالإضافة إلى عدم قدرتها على ممارسة الأنشطة، بسبب طبيعة الدوام المدرسي”.
عماد مراد، ولي أمر الطالبة هبة، من جهته يقول إن الظروف الاقتصادية، وما رافقها من وضع وبائي جراء جائحة كورونا، أجبرته على نقل ابنته من مدرستها الخاصة، والحاقها في إحدى المدارس الحكومية التي تعتمد نظام “الفترتين”، وكان نصيبها في الفترة المسائية.
ويؤكد أن نظام الفترتين لا يقتصر تأثيره فقط على الطلبة، بل يمتد للأسرهم، من حيث تغيير نظام وروتين الأسرة، اضافة الى تدني قدرة الطلبة على الاستيعاب مع تقدم ساعات النهار.
ويعتبر مراد أن الدراسة خلال الفترة المسائية “لا تكون بجودة الفترة الصباحية”، كما أن الوضع يصبح مقلقا بالنسبة لأولياء الأمور، خصوصا إذا كانت المدرسة تبعد عن المنزل، وكان لدى الأسرة الواحدة أكثر من طالب على مقاعد الدراسة، موزعين على فترتين صباحية ومسائية.
في ذات الخصوص، يقول مدير مديرية السياسات والتخطيط الاستراتيجي في وزارة التربية والتعليم، الدكتور عبدالله حسونة، إن هناك تحديات تواجه “التربية” في بناء المدارس، ومنها عدم توفر قطع أراض في المناطق المأهولة بالسكان، ومحدودية المُخصصات المالية، مقدرا متوسط كُلفة إنشاء بناء مدرسي بحوالي 2 مليون دينار.
ويضيف أن الوزارة لجأت لنظام الفترتين، نتيجة اعداد الطلبة الكبير في المدارس الحكومية، ما خلق حالة من الاكتظاظ، مستدركا في الوقت نفسه انه يتم إنشاء أبنية مدرسية، وبشكل سنوي، للتخلص تدريجيا من نظام الفترتين.
ويتابع أن عدد الطلبة الذين انتقلوا من المدارس الخاصة إلى الحكومية، العام الحالي، بلغ قرابة 70 ألف طالب وطالبة، فيما بلغ العام الماضي 130 ألف طالبة وطالب.
وبين حسونة ان الزيادة في اعداد الطلبة في المدارس الحكومية بلغت من العام (2020 إلى 2022) 210575 طالبا وطالبة.
ويوضح أن عدد المدارس التي تعمل بنظام الفترتين، ارتفع من 806 مدرسة للعام الدراسي 2019 / 2020، إلى 826 العام الدراسي الحالي، يلتحق بها نحو نصف مليون طالب وطالبة، منهم حوالي 200 ألف طالب يداومون في نظام الفترة الثانية، لافتا إلى أن العاصمة كانت الأعلى نسبة في عدد مدارس الفترتين بنسبة 35 %، تلتها محافظتا اربد والزرقاء بنسبة 20.5 % لكل منهما، ثم محافظة المفرق بنسبة 4 %، ومن ثم محافظة البلقاء 3 %، و10 % المُتبقية موزعة على باقي المحافظات الأخرى.
ويؤكد أن لجائحة كورونا “أثرا سلبيا في انتقال أكثر من 200 ألف طالب وطالب من المدارس الخاصة إلى الحكومية”، الأمر الذي يتطلب توفير المزيد من الأبنية المدرسية، إذ يبلغ مجموع الطلبة، الذين يحتاجون إلى مدارس جديدة، 338 ألفا.
ووفق حسون، فانه وعلى افتراض بأن الطاقة الاستيعابية لكل مدرسة جديدة، منوي إنشاؤها، هو 700 طالب، فإن مجموع ما تحتاجه “التربية” من أبنية مدرسية جديدة يصل الى نحو 482، مضيفا أن هذا الرقم لا يشمل الزيادة السنوية في أعداد الطلبة، نتيجة النمو السكاني.
اكتظاظ الغرف الصفية ينعكس على نوعية التعليم المقدم، وفق ما يراه مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي في وزارة التربية سابقا، الدكتور محمد أبو غزلة، الذي قال “إن لجوء أي نظام تعليمي لإيجاد حلول للكثافة الطلابية في الصفوف والمدارس الحكومية، أمر في غاية الأهمية”.
ويضيف أن من أهم أسباب اللجوء إلى نظام الفترتين، هو النمو السكاني المتزايد، والهجرات القسرية بسبب الحروب والنزاعات في دول مجاورة، وعودة الطلبة الأردنيين مع ذويهم من العمل في بعض الدول، والهجرات الداخلية من التعليم الخاص إلى العام، للبحث عن نوعية التعليم.
ومن الأسباب أيضا، حسب أبو غزلة، العوامل الاقتصادية نتيجة ارتفاع الرسوم المدرسية، التي أدت إلى إثقال كاهل أولياء الأمور، بسبب تعدد الالتزامات المالية، بعد ارتفاع كلف المعيشة، وتدنى الأجور، وارتفاع الضرائب، وغيرها.
والى جانب هذه الأسباب، يرى ابو غزلة ان ما حدث خلال أزمة كورونا، من اعتماد التعليم عن بعد، وتفاوت الأداء بين المدارس في نوعية التعليم أو تشابهه، دفع بأولياء أمور الى اللجوء للمدارس الحكومية، إضافة إلى تفاوت الرغبات عند أولياء الأمور في اختيار المدارس القريبة من منازلهم.
ولفت الى قصور التخطيط الاستشرافي، بسبب تراكم المُشكلات عبر السنين وعدم حلها، وتفرغ المُخططين لحل المشكلات أكثر من التخطيط، اضافة الى قلة الموارد المالية المُخصصة في الموازنات، وفق الاحتياجات التي تم التخطيط لها، والتي كشفت عن الحاجة إلى 600 مدرسة، وبواقع 60 مدرسة احتياج سنوي.
ويؤكد أن عدم وجود أراض يمكن توفيرها لإنشاء الأبنية المدرسية، وقرار “التربية”، بداية العام الدراسي الحالي، بقبول جميع الطلبة من كل المراحل والصفوف دون وجود أسس تُراعي القدرة الاستيعابية للمدارس والفصول الدراسية، ترك أثرا كبيرا على استمرار وزيادة أعداد المدارس بنظام الفترتين، والتي أصبحت تُشكل 19 % من مجموع المدارس، البالغ عددها نحو 4 آلاف مدرسة.
ويُضيف أن هُناك 466 ألف طالب وطالبة مُلتحقين في مدارس الفترتين، بنسبة 29 % من عدد الطلبة الكلي في المدارس الحكومية، والبالغ مليونا و653، لافتًا إلى أن نصيب مدارس الإناث من “الفترتين” بلغ 142 مدرسة، بنسبة 34 %، ينتظم فيها 84900 طالبة، و251 مدارس الذكور، بنسبة 17 %، يلتحق بها نحو 14700، فيما تُشكل المدارس المُختلطة 377، بنسبة 18 %، يلتحق بها حوالي 23700.
ويُتابع أبو غزلة أن “التربية” تبنت فكرة المدارس بالتناوب الكامل والتي بلغ عددها 1100، والتناوب الجزئي والتي بلغ عددها 870 مدرسة، وفق البرتوكولات الصحية، كما تبنت حل مشكلة الكثافة الصفية والمدرسية من خلال الأخذ بنظام الفترتين، والمدارس المُستأجرة والتي بلغ عددها 770، بنسبة 19.5 % من مجموع المدارس في المملكة.
ويؤكد أن هذه الأرقام والنسب تؤشر وبوضوح إلى أثر تبني نظام الفترتين على الحق في الحصول على فرصة تعليمية متكافئة، وكذلك الأثر المُترتب على نوعية التعليم المُقدم للطلبة، في ظل ارتفاع الكثافة الصفية ومعدل الطالب لكل معلم، وحصة الطالب من الفرصة التعليمية، مُقارنة بأقرانه في المدارس ذات الفترة الواحدة.
ويقول أبو غزلة “إذا ما نظرنا إلى وقت تلقي التعليم للطلبة في الفترة الصباحية والمسائية، واختصار وقت الحصة الصفية، ومقدار الوقت الضائع على الطالب عبر سنة دراسية، وحقه في الفسحة المدرسية وفي ممارسة الأنشطة الطلابية والتعليمية في المختبرات والمرافق المدرسية، وغياب البيئة التعليمية الجاذبة للتعلم وأثرها على المعلم والمُتعلم والطاقم الإداري، فإن ذلك يؤثر سلبًا على الدافعية للتعلم لدى الطلبة.
وحول أثر نظام الفترتين على مشاركة الطلبة الأردنيين الأخيرة في الاختبارات الدولية (تيمز – TIMSS) في الرياضيات والعلوم، وفي اختبار (بيزا – PISA) في مهارات العلوم والرياضيات والقراءة، يُوضح أبو غزلة أن هذا النظام “قد أثر بشكل كبير على الأداء في هذه الاختبارات”.
ويشرح أبو غزلة أن اختبار “تيمز”، يعقد لطلبة الصفين الرابع والثامن، بينما يعقد اختبار “بيزا” للطلبة ممن هم في سن الـ15، بغض النظر عن صفوفهم، فقد يكون الطالب في الصفوف من السابع وحتى الثاني عشر.
ويتابع أن عدد المدارس ذات الفترتين، التي تركيبها الصفي يتضمن طلبة من الصف الثالث وحتى الثاني عشر، بلغ 290، فيما بلغت المدارس التي تركيبها الصفي من الأول وحتى الثاني عشر، 258 مدرسة، في حين أن المدارس المُختلطة، وعددها 377، بعضها ذات تركيب صفي يبدأ من الرابع أو من السابع، وتشتمل على مدارس ذات فترتين.
ويوضح أبو غزلة أن ذلك يبين “التشوه” في التركيب الصفي لتلك المدارس، بمعنى أن هناك مدارس تبدأ من الأول الابتدائي، وأخرى تبدأ من الصف الرابع الأساسي، وثالثة تبدأ من الصف السابع.
ويتابع أن عدد المدارس التي يتواجد فيها طلبة من الصفين الرابع والثامن، وقد يكونون من ضمن عينة اختبار “تيمز”، بلغ 107 مدارس، بينما تلك ممن تضم طلبة أعمارهم 15 عامًا، وقد يكون طلبتها ضمن عينة اختبار “بيزا”، يبلغ عددها 603 مدارس.
ويشير هذا وفق ابو غزلة إلى أن نوعية التعليم في مدارس الفترتين، قد أسهم في تراجع أداء الطلبة في هذه الاختبارات، وكان من أسباب حصول الأردن على مراتب متوسطة في الدول العربية، وأيضا من أسباب التراجع إلى مستويات الدول ذات الأداء المتدني في الترتيب الدولي.
ويقول أبو غزلة “حتى لو تقدم الأردن في الدورة المقبلة قليلًا، فإن ذلك لا يعني أنه نجح ووصل إلى المستوى الدولي أو حتى العربي”، مؤكدا أنه “سـيستمر التراجع في حال لم يتم وضع حلول لتقديم تعلم نوعي مُتكافئ لجميع الطلبة، وكذلك خطط للتخلص من نظام الفترتين”.
ويبين أن ذلك يحتاج إلى تخصيص موارد مالية، وتوفير أراض من أمانة عمان الكُبرى والبلديات، واستغلال أراض حُرجية وزراعية و”أميرية”، وذلك بالتزامن مع إطلاق حملة لجمع التبرعات من الأهالي لتقليل كُلفة الأبنية المدرسية، مُشددًا على “أن البيئة التعليمية المُناسبة هي المُحفز والمُوفر للتعليم الجيد، ولجميع عناصر المنظومة التعليمية”.
كما يؤكد أبو غزلة أن التراجع في أداء النظام التعليمي ليس سببه فقط وجود نظام فترتين، كونه موجودا من قبل، وقد كان الأردن في ريادة التعليم على مُستوى الوطن العربي، قائلًا “يجب عدم تحميل موجات اللجوء وظروف جائحة كورونا سبب التراجع”.
ويوضح أن هُناك جملة من العوامل الداخلية التربوية والخارجية أثرت على النظام التعليمي الأردني، مؤكدًا أن التعليم الأردني لن يتطور إلا إذا تم إعادة مكانة التعليم، وأصبح على سلم الأولويات، مضيفا أن المطلوب هو “إبعاد التعليم عن التجاذبات، وإعادة التركيز على التعليم وجعله على أولويات سلم الحكومات، واختيار قيادات قادرة على النهوض به”.
وشاركة بالرأي، الخبير التربوي الدكتور عايش النوايسة، الذي اعتبر أن واحدة من أبرز التحديات التي تواجه النظام التعليمي في الأردن “هو زيادة الضغط على التعليم الحكومي، في ظل ارتفاع عدد السكان، وزيادة عدد الملتحقين في التعليم الحكومي، مقابل النقص في عدد المدارس، ما دفع “التربية” إلى تعويض ذلك من خلال أبنية مستأجرة، لا تتوافر فيها أصلًا أدنى متطلبات البيئة التعليمية المناسبة.
كما دفع الوزارة إلى اللجوء لنظام الفترتين، الذي لا يقل سلبية عن البناء المُستأجر في جوانب تتعلق بوقت الحصة، ووقت الدوام، وقدوم ومُغادرة الطلبة، فوقت الحصة 30 دقيقة فقط، وقدوم الطلبة باكرًا قبل الساعة السابعة صباحًا للفترة الصباحية، ومُغادرتهم في الفترة المسائية، أوجد مشاكل كبيرة أمام الأسر، خصوصًا تلك التي يعمل فيها الأبوان، على ما أضاف النوايسة الذي أكد أن ذلك “يتناقض مع حق الطلبة في التعليم، وتكافؤ الفُرص التعليمية”.
ويوضح النوايسة أن هذه “التحديات”، تشكل عوائق كبيرة أمام التعليم الفعال، الأمر الذي يُسهم في إضعاف مخرجات التعليم، فالمدارس الحكومية أصبحت تُعاني من ضغط كبيرة على خدماتها، وتراجع كبيرة في مخرجاتها، نتيجة التركيز على الكم وليس النوع.
ويضيف أن العالم يمر اليوم بمُتغيرات مُتسارعة في كل جوانب الحياة، إلى درجة أصبح ما يميز هذا العصر هو “التغيير المستمر”، إذ أصبحت المعرفة والمهارات عرضة للتطور وبشكل سريع، ما يتوجب على المؤسسات التربوية ضرورة التكيف مع هذا التغير والتطور، الذي أصبح يُشكّل تحديًا مُهمًا أمامها حتى تستمر في أداء عملها، وتؤدي الدور المُتوقع منها بشكل سليم.
ويتابع النوايسة أن متابعة المُستجدات المعرفية والمهارية، المرتبطة بعمليات التخطيط، يعد من أبرز التحديات، التي فرضت على المؤسسات التربوية المختلفة، مؤكدا أهمية التخطيط في أداء هذه المؤسسات وكذلك العاملين فيها، ما يساعدها على التقدم في تحقيق الأهداف التي وُجدت من أجلها.
ويؤكد أنه يتوجب على المُخططين لقطاع التعليم، الوعي بمتغيرات المستقبل في كل القطاعات المُرتبطة بالتعليم، ومن ثم التخطيط المُستقبلي كنموذج مُقترح، وتطوير أساليب التخطيط السابقة في إدارة عملية التعليم مع تطبيقها بالمناهج المُلائمة للتحليل.
ويشير النوايسة إلى ضرورة استحضار المستقبل إلى الوجود، من خلال رؤى استشرافية، وخاصة فيما يتعلق بالأبنية المدرسية وربطها بالزيادة السكانية ومكانها والتوزع الجغرافي، والتوسع في إنشاء مدارس جديدة.
إلى ذلك، بلغت الموازنة المالية لمجالس المحافظات للعام الحالي 116 مليون دينار منها 18.318 مليون دينار خصصت لمجلس محافظة العاصمة بحسب الأمين العام للإدارة المحلية المهندس حسين المهيدات.
وأوضح رئيس مجلس محافظة العاصمة السابق احمد العبداللات أنه تم إدراج- خلال فترة رئاسته للمجلس- عدة مشاريع ومن ضمنها بناء مدارس من اجل التخفيف من نظام الفترتين في المدارس
ويضيف العبداللات، انه تم تنفيذ جزء من هذه المشاريع ولكن الجزء الاكبر منها لم يتم تنفيذه لعدة اسباب منها تحويل المخصصات المالية لها التي أدرجت ضمن موازنة مجلس المحافظة للاستجابة مع جائحة كورونا التي شهدتها المملكة منذ العام الماضي بالاضافة الى البيروقراطية والظروف الاقتصادية وأخيرا جائحة كورونا. آلاء مظهر – الغد