إهداء إلى المواطن المحترم
حسني عايش
إذا نشأ الفرد/ المواطن/ة وتربى وتعلم الالتزام بالقدوة وبالقيم الإيجابية كالصدق والأمانة والنزاهة… وبالقانون فإنه يلتزم بها، طيلة حياته، وفي السر والعلن، ولدرجة أنه لا يحتاج إلى قوانين فيما بعد تهدده بالعقاب إذا انحرف عنها. وإذا كان كل فرد/ مواطن في المجتمع كذلك فإن الجميع/ المجتمع سيعيشون في وئام وسلام واطمئنان، وبمحبة لا تنقطع.
أما إذا نشأ الفرد / المواطن/ة وتربى وتعلم بالعكس، أي حسب قاعدة : كل من في إيده له، فإن المجتمع يتحول إلى ما يشبه الغابة، كل واحدة فيه مفترس يبحث عن صيدة. في هكذا مجتمع لا يثق أحد فيه بأحد في أي شيء، وفي كل شيء، ولا يعيش الناس في وئام وسلام واطمئنان ومحبة. وترى وتسمع الجميع يشكون من الكذب والغش، والسرقة، والخيانة والفساد، مع أنهم لها يمارسون وبخاصة سراً، أو عندما تلوح الفرصة، وبحجة أن كل واحد يفعل ذلك ويقنع نفسه بصحة انحرافه.
فالمثل العربي يقول له: إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب، مما يعني تشكلّ مجتمع خالٍ من الأخلاق، الجميع فيه يخسرون.
في المجتمع الملتزم أفراده بتلك القيم العليا تقل القوانين التي تُهدد بالعقاب وربما لا توجد لأن الجميع ملتزمون فلا حاجة إليها. أما في المجتمع غير الملتزمة أفراده بتلك القيم فلا يتوقف صدور القوانين المهددة لهم بالعقاب. ولكن دون جدوى، نظراً للتنافر الأخلاقي فيه.
وعليه اسأل نفسك بصدق: إذا كنت أكذب وأغش وأسرق، فكيف أعيش مطمئن البال إذا كان الجميع يفعلون مثلي؟ إنني في الواقع أعيش في مجتمع من الكذابين والغشاشين والسراقين، والخونة والفاسدين، وأنا واحد منهم، وإنه مجتمع غير قابل للإدارة أو الإصلاح، وعلي أن أبقى مثل بقية الناس.
وعليه أدعوك للتفكير ملياً وجلياً لعلك تجد أن مثل هذا السلوك لا يصدر عن عاقل ولا يقبله عاقل. أي أنك غير عاقل، وغير أخلاقي وغير متبصر، وغير حازم تجاه نفسك وتجاه غيرك ، وأنك يمكن ان تقع في مشكلة عملية وعاجلة في أية لحظة كأن يقبض عليك ملتبساً وتعاقب بنوع ومقدار ذنبك أو انحرافك عن القانون.
لقد أودى عصر الاستهلاك المجنون بجملة الأخلاق، وجعل الإنسان لا يشبع ولا يكتفي، لأنه لا يستطيع الحصول على كل ما يرغب فيه وقد انحرف. ولكن شاعرنا القديم يقول له:
ما كل ما فوق البسيطة كافياً
وإذا قنعت فبعض شيء كافٍ
ويقول آخر:
والنفس راغبة إذا رغبتها
وإذا تُرّد إلى قليل تقنع
الغد