إشهار وتوقيع كتاب “عامان من العزلة” للدكتور منصور في “شومان”

نظم المنتدى الثقافي في مؤسسة عبد الحميد شومان / ذراع البنك العربي للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، مساء أمس الاثنين، حفل إشهار ومناقشة كتاب: “عامان من العزلة” للدكتور عاصم منصور، تحدث فيه الدكتور عزمي محافظة، أستاذ علم الفيروسات في كلية الطب بالجامعة الأردنية، والمتخصص في الصحة النفسية والأسرية الدكتور خليل الزيود، والكاتب الدكتور عاصم منصور مدير عام مركز الحسين للسرطان، والمديرة التنفيذية لمعهد السياسة والمجتمع الدكتورة رشا فتيان، وأدار الحوار الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية الدكتور محمد أبو رمان.

وقال الدكتور عاصم منصور، إن “الجائحة كشفت هشاشة عالمنا وزيف انجازاتنا التي طالما تغنينا بها، عندما لم تستطع نظمنا الصّحيّة المتطورة، والتي انفقنا عليها تريليونات الدولارات مواجهة هذا المخلوق المتناهي في الصغر، ورأيتنا نهرع الى التاريخ لنستعين بأدواته القديمة التي استخدمها في مواجهة الأوبئة والجوائح السابقة، لنوظفها في مواجهة هذا المخلوق؛ مثل الالتزام بالتباعد الاجتماعي وتغطية الفم والأنف والحفاظ على النظافة الشخصية”.

وأضاف أن الجائحة كشفت أيضا بؤس الأنظمة السياسية التي تحكم العالم وما الفشل الذريع الذي اعترى الدولة الأعظم الولايات المتحدة والتخبط الذي شهدته، إلاّ مثالاً صارخا على أن العالم يواجه أزمة قيادة حقيقية، وعلى الجانب الآخر كانت الهند التي تعتبر صيدلية العالم فقد انحدر بها سياسيون هواة مسكونون بالشعبوية الى الهاوية عندما تجاهلوا رأي العلم ورأوا في أصوات الناخبين الهندوس أولوية تتقدم على صحة المواطنين، وكانت اللعنة أن أنتجوا للعالم متحور دلتا الذي خلف ملايين الضحايا، منوها الى أنه رغم تلك الصورة القاتمة فقد كان العلم والبحث العلمي وفيين لتقاليدهما الراسخة فكان المطعوم هو الانجاز الطبي الأبرز والذي قد لا يكتفي بتغيير وجه الجائحة بل قد يتعدّاها الى تغيير خارطة الكثير من الأمراض خلال السنوات القليلة القادمة.

وتابع: “حاولت من خلال عمل “عامان من العزلة” تسليط الضوء على مرحلة مهمة عشناها جميعاً وما زلنا منذ البدايات لانتشار الفيروس، ولم يقصد منه أن يكون تأريخاً للجائحة فما زال الوقت مبكراً على أن نؤرخ لها، ونحن لا نعلم بعد كافة أبعادها، كما لم يقصد منه أن يكون تأصيلاً علمياً لأسبابها، فلست صاحب اختصاص في ذلك، وإنما هذا الجهد المتواضع جاء لتسليط الضوء على الجوانب المختلفة للجائحة وتأثيراتها، وتداعياتها على مختلف مناحي الحياة، كما حاولت استنطاق التاريخ لاستخلاص بعض الدروس والعبر واستقراء مآلاتها.

الدكتور محافظة أشار في مداخلته الى أن الكاتب كان جريئاً في نقد الإجراءات الحكومية خاصةً تلك التي طُبّقت في البداية من إغلاق وسياسة الحجر المؤسسي والعزل في المستشفيات والفحوصات العشوائية وعزل الأحياء والعمارات والتي أثبتت جميعاً عدم جدواها، والأهم التنبيه إلى خطورة التركيز على الجائحة ونسيان وإهمال باقي الأمراض، وإغلاق المراكز الصحية والعيادات، مما أدى إلى حرمان مرضى الحالات المزمنة والسرطان من الرعاية والمتابعة اللازمة، وتأثرْ برامج مهمة مثل برنامج التطعيم الوطني وبرنامج البصمة الوراثية سلباً.

وقال إن الكاتب قد برع في وصف المزاوجة بين العزلة والمواجهة، فقد قبل الناس خوفاً أو هلعاً سياسة الإغلاق في بداية دخول الوباء للأردن، ولكن سرعان ما تكشف للناس عدم جدوى الإغلاق، إذ تبين أن الأمر لم يكن محسوباً بدقة، خاصةً في ضوء عدم توفير متطلبات الحياة الأساسية، كما انتقد التسرع الأردني في إعلان النصر على الفيروس قبل انتشاره مجتمعياً، مما يشير إلى جهل في طبيعة الأوبئة وسلوكها. ولم يفت الكاتب التلميح إلى أن سياسة الإغلاق كانت رد فعل غير محسوب بدقةٍ وحكمة وربما دون قناعةْ مفصلاً في النظرة الواقعية في التعامل مع الوباء وإدراك طبيعة الفيروسات، وبالتالي مستقبل المرض وحتمية وسبل التعايش معه.

بدوره أشار الدكتور الزيود الى أن الكتاب أجاب على الكثير من الأسئلة الملحة في أذهان الناس، كموضوع المطاعيم وكيفية انتاجها والاغلاقات وفائدة الإجراءات الوقائية والتجارب العالمية في التعامل مع الفيروس، داعيا الى ضرورة قراءة الكتاب للاستفادة من محتواه القيم.

وتحدث الزيود عن دور وسائل التواصل الاجتماعي وطرق التعامل مع تداعيات الجائحة والترويج للقضايا الإيجابية وكذلك السلبية أيضا فيما يتعلق بالفيروس وانتشاره، مثلما تطرق الى نقص الكوادر الطبية والتمريضية في المستشفيات، وطريقة مخاطبة الناس والتي اعتمدت على بورصة الأعداد دون التطرق الى احتياجات الناس، وعدم الاهتمام بالصحة النفسية عند مخاطبة الناس وخاصة كبار السن. وأوضح أن لجنة الأوبئة واللجان الأخرى لم يكن بين أعضائها اخصائيين نفسيين للاهتمام بهذا الجانب، مؤكدا أن الكثير من الأمراض والاضطرابات النفسية تكون مصاحبة لمثل تلك الأوبئة.

من جهتها أشارت المديرة التنفيذية لمعهد السياسة والمجتمع الدكتورة رشا فتيان في كلمتها، الى تميز الكتاب من حيث ربطه السلس الواقعي لمآلات الجائحة الصحية من نواح اقتصادية ونفسية واجتماعية وسياسية، منوهة أن “عامان من العزلة”، يأتي كإحدى الإصدارات العديدة التي يعمل عليها المعهد مع مجموعة مميزة من الخبراء والباحثين والاكاديميين والتي تنسجم مع طبيعة الأهداف والرؤيا والرسالة التي يحملها المعهد والتي تحرص من خلالها على تجسيد مفهوم الحوار والتعددية على أرضية توافقية مجتمعية وتعزيز ثقافة الاعتدال والوسطية وسيادة القانون والحوكمة الرشيدة وتطوير الحياة الديمقراطية .

وكان الدكتور أبو رمان أشار في بداية الحفل الى أن الدكتور عاصم يذكرنا من خلال الكتاب بالعديد من القضايا على مختلف الأصعدة الطبية والنفسية والمجتمعية والاقتصادية، مبينا أن الكتاب كشف عن قلم أديب ومثقف ومطلع على جوانب عديدة، ولديه إحاطة بالعديد من القضايا الطبية والمجتمعية والسياسات الدولية والاقتصادية والايدولوجية.

ونوه الى أن الكتاب ” عامان من العزلة” يعد إضافة نوعية الى المكتبة الأردنية، إذ أنه يقدم إطلالة مهمة جدا على العديد من القضايا في السياسات الأردنية خلال التعامل مع الجائحة.

زر الذهاب إلى الأعلى