أزمة متشابكة لم يسلم منها أحد.. ارتفاع كلف الشحن البحري
بنان هياجنة
ما تزال أزمة النقل البحري العالمية معلقة دون حلول في ظل استمرار ارتفاع أجور شحن البضائع بنسب كبيرة فيما باتت بعض السلع مفقودة من الأسواق بسبب خلل في عمليات التصدير من دول المنشأ إلى الدول المستهلكة.
يأتي هذا في الوقت الذي غيرت فيه أزمة كورونا خريطة النقل البحري العالمية، وتحديدا بعد أن عانت حركة الشحن البحري من توقف شبه كامل في ظل إجراءات الحجر الصحي في مواجهة الجائحة ومن ثم تسببت عودة الطلب في الأسواق العالمية بعد إنهاء عمليات الحجر في حدوث بلبلة في الأسواق العالمية.
وفي ظل هذه المشكلة الطارئة، التي لا يعرف متى يمكن حلها، بات كل طرف من أطراف المعادلة الاقتصادية يعاني، إذ أصبح ارتفاع الأسعار السمة السائدة في وقت تشكو فيه الأغلبية نقصا في الأموال وشح مصادر الدخل.
المحلل الاقتصادي حسام عايش يقول “الارتفاع جاء بسبب عودة النشاط الاقتصادي والتجاري في العالم، إذ عادت الحيوية إلى سلاسل الإمداد العالمية التي تتركز في الصين فزادت تكلفة الشحن منها وإليها أكثر من 300 %”.
وأوضح أن هذا الارتفاع جاء مصحوبا في ارتفاع أسعار النفط والطاقة الأمر الذي أدى إلى زيادة التكلفة في التصنيع.
ويشير عايش إلى أن أغلب مستوردات الأردن ارتفعت تكلفتها في السوق الأردنية كأسعار السكر والأرز والمشتقات النفطية.
وبين أن هذا الأمر أثر بشكل كبير على المواطن بقدرته على الإنفاق أصبح يبحث عن المواد الأساسية تحديدا الغذائية.
ويتابع إلى أن القطاعات الاقتصادية والتجارية ما تزال تعاني من نتائج أزمة كورونا وأن الكثير من العاملين أجورهم انخفضت وتوقف بعضهم الآخر عن العمل، لهذا السبب كان تأثر المواطن الأردني أكبر بارتفاع أجور الشحن.
ويوضح أن المواطن سيشعر بارتفاع الأسعار لأن دخل المواطن ثابت وهذا سيقلل من حصصهم مما كانوا يحصلون عليه من سلع وخدمات أو أن الحصول على الكميات السابقة تعني دفع المزيد من المال.
ويشدد عايش على أهمية تخفيض الحكومة لضريبة المبيعات على بعض السلع والمنتجات التي تأثرت في الارتفاعات الأخيرة وتخفيض أو إلغاء أو تأجيل بعض الرسوم الجمركية على سلع مستوردة من الواضح أن أسعارها قد ارتفعت بالسوق.
ويشار إلى أن مجلس الوزراء وافق في حزيران (يونيو) على اعتماد سقوف لكلف الشحن البحري لغايات احتساب الضرائب والرسوم الجمركية حتى نهاية 2021 لضمان انعكاس هذا الإجراء على السعر النهائي للمستهلك على أن يتم إصدار أمر دفاع لهذه الغاية.
وينوه إلى أهمية زيادة وعي الحكومة فيما يتعلق بالقرارات التي تتخذها لدعم القطاعات الاقتصادية وبصورة غير مباشرة دعم المواطنين لكي يبقى معدل الإنفاق والقدرة على التحمل ممكنة في الظروف غير الطبيعية التي يعيشها المواطن الأردني.
ممثل قطاع الألبسة أسعد القواسمي يقول إن “ارتفاع أجور الشحن أثر سلبيا على أسعار أغلب السلع التي يحتاجها المواطن فارتفاعها أثر على المستهلك والتاجر في آن واحد”.
ويكمل القواسمي بأن قطاع الألبسة لم يتأثر بشكل كبير بسبب وجود كفاية من الألبسة الصيفية وموسم المدارس فلم تأت حاويات أخرى إلى الآن، مبينا أن التأثر الذي سيشهده التجار والمستهلكون سيكون بداية موسم الشتاء بسبب دخول سلع من دول الخارج تحتاج إلى تكاليف شحن مرتفعة.
ويؤكد القواسمي أن أهم الحلول التي يجب أن تحصل هي تخفيض أجور الشحن وضريبة المبيعات بسبب صعوبة تحمل التاجر ارتفاع اسعار الشحن وعبء الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات فيجب أن تكون الرسوم والضريبة أقل من أجور الشحن العالمية.
ويشير إلى أن قطاع الألبسة يطالب دائما بتخفيض الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات من 16 إلى 8 %، وهذا سينعكس ايجابيا على القطاع التجاري ويزداد نشاطه ويقلل من ارتفاعات الشحن العالمية.
ويقول التاجر سليم أبو هيكل إن ارتفاع أجور الشحن عالميا أثر على جميع القطاعات سواء المواد الأساسية أو الثانوية موضحا عدم استطاعته شحن عدد حاويات كما كان في السابق بسبب ارتفاع الأجور ناهيك عن الضرائب والجمرك المترتب عليها فور الدخول.
ويوضح أبو هيكل تدني مستوى إقبال المستهلك بسبب ارتفاع ثمن السلعة والتي يقوم التاجر برفع ثمنها ليعوض خسائره.
ويضيف التاجر نائل الحداد أن ارتفاع تكاليف الشحن أثر على المستهلك والتاجر، فالتاجر عند استيراده البضاعة تكون مرتفعة الثمن عدا عن دفعه لضريبة المبيعات والرسوم الجمركية الموجودة في الأردن، فيرفع التاجر على المستهلك ثمن البضاعة فتقل نسبة الإقبال على المنتج.
ويبين الحداد أن أغلب التجار قلت نسبة استيرادهم للحاويات بسبب الارتفاع الكبير على أجور الشحن فالتاجر الذي كان يستورد عشر حاويات بات لا يستطيع أن يستورد حاويتين.
من جهته، يقول نقيب أصحاب شركات التخليص ضيف الله ابو عاقولة إن “الحكومة استجابت لمطالب النقابة وتم تقليل اجور الشحن المقطوعة 4 آلاف دولار للحاوية الـ40 قدما”.
ويشدد أبو عاقولة على أهمية فتح السوق السوري الذي يقلل الكثير على التجار لأن الاستيراد عبر البحر أصبح مكلفا جدا وينعكس هذا الارتفاع سلبيا على السلع وعلى المستهلك والتاجر.
ويقول ممثل قطاع الأثاث المنزلي خالد حبنكة إن التأثر جاء بسبب أن أغلب السلع الموجودة في الأردن هي سلع مستوردة وأن ارتفاع الأجور من الممكن أن يجعلنا نفقد المواد الاستهلاكية الأساسية موضحا أن أغلب التجار المستوردين لا يستطيعون شحن بضائعهم بسبب غلاء الأجور وضريبة المبيعات.
من ناحيته، يقول رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق “يواجه نشاط الشحن البحري في الأردن أزمة حادة نتيجة ارتفاع تكاليف الشحن والنقص في الحاويات، إذ بلغت نسبة الزيادة في أجور الشحن من الشرق الأقصى والصين إلى العقبة نحو (400 %)، ومن باقي موانئ وبلدان العالم إلى ميناء العقبة نحو (100 %).
ويضيف الحاج توفيق “من أحد العوامل التي أثرت على ارتفاع أجور الشحن البحري أن شركات الشحن تمتلك ما يقارب نصف عدد الحاويات في العالم، والباقي مملوك من شركات متخصصة في تأجير الحاويات، إذ إن أجور استئجار الحاويات الجديدة ارتفعت أكثر من (75 %) في الربع الثاني من العام 2021”.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الأزمة ادت إلى ارتفاع أسعار شراء الحاويات الجديدة أكثر من (100 %) خلال هذا العام، وذلك بسبب زيادة الطلب على شراء الحاويات الجديدة لتعويض النقص الحاصل في السوق العالمي، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الحديد الذي يستعمل في صناعة الحاويات، أي زيادة الطلب وقلة العرض لهذا المنتج الذي أصبح مطلوباً من شركات الملاحة العالمية.
وبحسبه، فإن زيادة الطلب على السلع أدى إلى ارتفاع الأجور اليومية للباخرة ليصبح نحو (52) ألف دولار، في حين كان إيجارها قبل خمسة أشهر نحو (10) الآف دولار.
ويذكر أن من الحلول التي اقترحتها غرفة تجارة عمان لمعالجة هذه الأزمة على المستوى المحلي تخفيض سقف أجور الشحن الذي أقره مجلس الوزراء، واعتماد متوسط الأسعار لآخر ثلاث سنوات وخفض الرسوم والضرائب على السلع بكافة أنواعها ولفترة محدودة ولحين الخروج من هذه الأزمة.
ويؤكد الحاج توفيق على أهمية مخاطبة شركات الملاحة العالمية على مستوى الدول والطلب منها العمل على زيادة أعداد البواخر والحاويات العاملة لغايات إنقاذ الاقتصاد العالم وإعادة النظر في أجور بدلات الخدمات التي تقدمها شركة ميناء حاويات العقبة موضحا أهمية دراسة انشاء اسطول شحن بحري وطني بالشراكة بين الجهات الرسمية والخاصة.
الغد