أبو حمور ل”الشباب”: المستقبل لمن يتسلح بالمهارات
نشأ معالي الدكتور محمد أبو حمور في بيئة محافظة، وأسرة ملتزمة ومتفاعلة مع محيطها الاجتماعي الذي تسوده البساطة، وتحكمه عادات وتقاليد الشعب الاردني الأصيلة.
أكسبته “مجالس الكبار” التي اصطحبه اليها والده، حُسن الإصغاء، وعززت مداركه، “ديمقراطية الأب” مع أفراد العائلة.
شّب عن الطوق، و”رضع من فوق اللجام” عندما اختار دراسة الاقتصاد مع أن معدله كان يؤهله لدراسة الطب أو الهندسة، ولأن السائد حينها، شعور مجتمعي مسكون بهذين التخصصين، كمكانة اجتماعية، لا تدانيها مكانة، وربما الى وقتنا الحالي، عند كثير من الناس.
على المستوى الوظيفي، يملك”معاليه” سيرة ذاتية متنوعة وممتدة الى قطاع اقتصادي واسع وشامل ، معززة بالسنوات والأرقام، ومحصنة بالنزاهة عندما وضع “مخافة الله بين عينيه”، وهو يحمل حقيبة “المالية” في أكثر من حكومة، وحقيبة “الصناعة والتجارة”، وقبل هذه الحقائب، عند تعيينه في أهم مؤسسة اقتصادية، وهو البنك المركزي.
أبعد ابناءه عن الوظائف الحكومية حتى لا يقال إنهم يتولون المناصب بـ” الوراثة”، رغم كفاءتهم.
يرى أن العالم، والاردن منه، يعيش في عصر المهارات لا الشهادات، وبهذا ينصح الشباب الذين ينتظرون أو الذين يبحثون عن فرص العمل، التسلح بالمهارة، مستنداً الى رؤية يؤكدها خبراء ومختصون بأن كثيراً من الوظائف الحالية ستنتهي خلال سنوات مقبلة، بسبب التسارع والتطور التكنولوجي.
فاز بجائزة افضل وزير مالية في الشرق الأوسط لعامي 2004و2010.
ضيف “استراحة الرأي”، اليوم، وزير المالية الأسبق، رئيس مجلس ادارة بنك صفوة، حالياً، الدكتور محمد سالم ابو حمور، حيث يدلي بشهادته ويرمي بشهاداته للقراء .
-من أين بدأت رحلة الدكتور ابو حمور ؟
ج- نشأت في مدينة السلط وبيئة محافظة، وأنتمي الى أسرة تضم الى جانب الوالدين، خمسة أشقاء وثلاث شقيقات، أُسرة يمكن أن اقول عنها بأنها ملتزمة دينياً والحمد لله، ولكنها بعيدة عن كل أشكال التزمّت في أي عمل أو سلوك.
ولعل البيئة الاجتماعية التي عشتها، بما فيها من بساطة ومحبة وتعاون، ظلت سبيلاً لعقد “مجالس الكبار” التي كان والدي يصطحبني وشقيقي الأكبر اليها، وهي مجالس أراها مدرسة ثانية، تعلمنا فيها نحن الأبناء، كثيراً من المفاهيم والقدرة على التحدث دون رهبة وجرأة امام المعلمين، ولكن باحترام، حيث كنا نصغي في تلك المجالس باهتمام لأحاديث أصحابها التي تدور حول امور كثيرة من امور الحياة، مما انعكس علينا في صقل الشخصية الى جانب سلوكنا الإيجابي والارتقاء بأخلاقنا واحترامنا للآخرين في المناسبات والعمل العام.
كانت مدرسة طارق بن زياد في السلط أولى انطلاقة رحلة التعليم ومن ثم مدرسة عقبة بن نافع قبل أن التحق بمدرسة السلط الثانوية التي خرّجت شخصيات وقيادات اردنية، وكان لهم أثر ملموس في القطاع التعليمي والقطاعات الأخرى في الاردن، سواء من واصل تعليمه في الدول الشقيقة أو الصديقة، أو الذين التحقوا بالوظائف الحكومية في الدولة.
على الصعيد الشخصي، فقد حصلت على معدل عال في الثانوية العامة( التوجيهي)، وكان يؤهلني لدراسة الطب أو الهندسة وحصلت على قبول لدراسة الطب من جامعة دمشق، إلا إنني اخترت طوعاً، دراسة الاقتصاد في جامعة اليرموك، وهذا الاختيار عكس معنى الديمقراطية الحقيقية التي عززها والدي في نفوس أبنائه، وكيف يحترم رغباتهم الدراسية، في زمن ظل فيه الآباء يحثون أبناءهم على الاجتهاد ليكونوا أطباء ومهندسين، لاعتبارات كثيرة، ومنها المكانة الاجتماعية، بحسب مفاهيمهم .
وفي هذا الجانب، فإنني أشكر ” جامعتي” ذات السمعة الطيبة، على ما وفرته من مناخ تعليمي، وكوادر تدريس على درجة عالية من الكفاءة، كان لها الفضل، بعد الله، بأن سهّلت عليّ مواصلة دراسة الماجستير والدكتوراة حيث كانت تدّرس مواد البكالوريوس باللغة الإنجليزية.
– وماذا عن العمل العام ؟
تخرّجي من جامعة اليرموك وضمن المتفوقين على لائحة الشرف، اتاح لي العمل في البنك المركزي، وقد أكسبني تجربة غنية تقوم على العمل المؤسسي الراسخ ، وهو عمل لا يتأثر بتغيير الأشخاص أو مغادرتهم ومن يتسلم أي موقع فيه، وحيث الكفاءة شرط التعيين وتولي المسمى الوظيفي، فكان من ثمار هذا النهج، أنني حظيت بمتابعة دراستة الماجستير في الجامعة الاردنية ، ومن ثم ابتعاث الى بريطانيا لدراسة الدكتوراة.
عند إنهائي الدراسة، تسلمت مسؤوليات في البنك، فاكتسبت خبرات جديدة، مهدت لي الطريق لتولي مناصب متقدمة في وزارة المالية، بدأت بوظيفة مستشار للوزير ثم تسلمت أميناً عاماً، ثم وزيراً لها في عدد من الحكومات، كما تسلمت حقيبة وزارة الصناعة والتجارة.
-كيف تقيّم العمل الوزاري في المراحل التي كلفت بها؟
ج – أنا أرى أن أي عمل وزاري، او غير وزاري، محكوم بالإنجاز ، وهذا الإنجاز يجب أن لا يؤجل، وإلا ما فائدته، فكيف اذا لم يكن هناك منجز يلمسه الناس ؟!
قد تكون هناك ظروف تحول دون تحقيق الإنجاز ، وربما تعود الى عدم اتخاذ القرار من قبل المسؤول، ولكن المطلوب أن تكون هناك حلول مهما كلف الأمر ، أو كان لاتخاذ القرار ثمن.
بالنسبة لي وحينما كنت وزيراً، حرصت على مستوى الوزارة، بأن تكون المعلومات لدي مكتملة قبل اتخاذ أي قرار، وعندما لا تكون المعلومات غير مكتملة، فإنني استشير المعنيين للتباحث، للخروج بقرار صحيح.
– أبرز المحطات التي توقفت عندها واجتزتها؟
ج-البداية كانت باتخاذي قرار دراسة الاقتصاد لقناعتي أن هذا المجال هو عصب الحياة، وفي العمل كان تعييني بالبنك المركزي واطلاعي على العمل المنظم وبما فيه من انضباط والتزام وتطور ليواكب التطور الاقتصادي على المستوى الدولي، كان – التعيين- نقطة تحول بالنسبة وتعزز ذلك، بتعييني مستشاراً لوزير المالية.
ولعل اتخاذي كوزير للمالية، فيما بعد، قراراً بإصدار سندات اليورو للاقتراض من الأسواق العالمية عام 2010ولأول مرة بتاريخ الاردن وبقيمة 500 مليون دولار لنحصل على اكتتاب بمقدار 3,1 مليار دولار وبسعر فائدة 3,7 %كان أهم قرار ، في الوقت الذي كان الاردن يمر فيه بظرف اقتصادي صعب، حيث طلبت البنوك المحلية فائدة أعلى.
-بماذا تنصح الشباب الاردني الذي يعاني من البطالة وتهدده آفة المخدرات؟
ج-الطبيعة تكره الفراغ، وعلى الشباب أن لا ينتظروا الوظيفة لأن القطاعين الحكومي والخاص غير قادرين على استيعاب توظيفهم بالكامل ما لم يكن هناك استثمارت ضخمه و معدلات نمو اقتصادي مرتفعه .
فرص العمل: الريادة، الابتكار، الاختراع، والمبادرة، والاردن من الدول المتقدمة بالأفكار والريادية، وعلى الشباب أن يستثمروا طاقاتهم ومهاراتهم، وليس الاعتماد على الشهادات، فهناك وظائف ستختفي بعد سنوات، وانا ارى أن من يمتلك المهارة هو الذي سيحصل على فرصة العمل، اذ ما عاد في ظل تسارع التكنولوجيا أن تصمد كثير من الوظائف التي اعتاد عليها الشباب.
لننظر ما يختزنه الهاتف النقال وتطوره من معلومات تغني عن التعليم التقليدي، حتى بات صغار السن يتعلمون مهارات يتفوقون بها على من هم أكبر منهم سناً او من سبقوهم الى مراحل الدراسة في المدرسة او الجامعة.
العالم لم يعد قرية صغيرة كما نردد، بل بات هاتفاً يحمله الصغير والكبير، وكونه يمتلك معلومات هائلة، فإن المجال مفتوح أمام كل من يبحث للوصول الى المعرفة التي تساعده على تحصيل احتياجاته.
– كيف ترى الاعلام الاردني؟
ج-غياب الاعلام يترك فراغاً ليس في صالح الدولة، وأرى أن رسائل الاعلام الاردني غير متوافرة بعد أن صارت أدوات التكنولوجيا في يد كل من لا يتقن المهنة أو يتعامل مع ضوابطها والالتزام بأخلاقياتها.
المطلوب من الدولة أن توفر للمؤسسات الاعلامية الملتزمة الدعم لتؤدي هذه المؤسسات رسالتها بنشر الحقائق وبعيداً عن كل ما يُنشر ويتنافى مع الاخلاقيات والإساءات والإشاعات، وكذلك تمكينها للدفاع عن قضايا الوطن واستهدافه.
كيف ترى سبل لنهوض الاقتصاد الاردني في ظل ظرف محلي و سياسي على مستوى الاقليم و العالم ؟
علينا في ظل هذه الظروف التركيز على تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعه مدفوعه باستثمارات محليه و عربيه و أجنبيه و مرتكزة الى زيادت الانتاجيه لدى العاملين و شراكة حقيقيه مع القطاع الخاص و تحويل التحديات الى فرص و التركيز على مكتسبات الثوره الصناعية الرابعه و ما تتطلبه من ريادة و ابداع و اختراع و مبادرة .
– ماذا عن عائلتك و مؤهلات أبنائك، وأماكن عملهم ؟
ج-ابني سالم يعمل في دولة الامارات العربيه الشقيقه بعد أن حصل على تخصص تمويل حيث تخرج من جامعه باث البريطانيه، و ابنتي رند تعمل في احد البنوك الاردنيه وهي خريجة من جامعة سمية تخصص هندسة اتصالات و كذلك ابنتي رهف تخرجت من جامعة سميه تخصص ادارة الاعمال بامتياز ، فيما يواصل ابني الاصغر سيف( آخر العنقود) دراسة الكمبيوتر في هذه الجامعة ، و جميعهم حصلوا على تفوق علمي خلال دراستهم في مرحلة الثانويه العامه و الجامعات و لله الحمد و انا فخور جدا بانجازات ابنائي اللذين اقوم بتوجيههم و اترك القرار و الخيار لهم .
اما زوجتي سلام و التي عملت في وزارة التربيه و التعليم و تقلدت منصب امين عام تجمع لجان المرأه الأردنيه مع سمو الاميره بسمه المعظمه .و أود ان أضيف كرب أسرة بأنني تلقيت الدعم الكامل من زوجتي التي كانت سندا لي دوما و دورها الاساسي في تولي تربية ابنائي و ادارة شؤون المنزل ابان تولي مناصب متعددة في الحكومه و القطاع الخاص تحتاج الى العمل الدؤوب لساعات طويله .