أبو حمور: الرعاية الملكية من خلال رؤية التحديث الاقتصادي شكلت اطاراً استراتيجياً وخارطة طريق لتحقيق نمو مستدام خلال السنوات القادمة

أبو حمور: الاستقرار السياسي والأمني من اهم المعطيات التي تستند عليها قدرة الاقتصاد الأردني في التكيف والتأقلم مع مختلف التطورات والأزمات.
أبو حمور: الاقتصاد الاردني يزخر بالفرص القابلة للاستغلال والتي ستساهم في رفع نسب النمو وتوفير فرص العمل ومعالجة اختلالات الميزان التجاري وتحسين حياة المواطنين.
أبو حمور: القطاع الخاص الاردني يقوم بدور أساسي في مختلف الانشطة الاقتصادية ومن الضروري أن يتم تعزيز وتفعيل دوره لبناء بيئة استثمارية محفزة للاستثمارات.
أبو حمور: نسبة الدين العام المرتفعة من أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد الاردني بشكل عام والمالية العامة على وجه الخصوص.
أبو حمور: الفقر مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالبطالة ومشكلة البطالة معقدة ومتداخلة الأسباب وهي احدى التحديات الاساسية نظراً لما يترتب عليها من اهدار للطاقات ومصاعب اجتماعية واقتصادية.
أبو حمور: الشركات الريادية الاردنية حققت نجاحات لافتة في مختلف المجالات، الا أنه لا زال هناك العديد من الفرص والامكانيات التي يمكن استثمارها.
أبو حمور: الاستثمارات الاجنبية المباشرة تتأثر بالظروف المحلية والاقليم، واليوم هناك تنافس شديد بين مختلف دول العالم على جذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة.
ساعات طويلة تجلس بلا ملل او كلل مستمعاً ومستمتعاً بحديث وتحليل من القامة الاقتصادية الكبيرة معالي الدكتور محمد أبو حمور ….فالحديث شيق ويفتح الشهية لتحليلات اقتصادية واجتماعية كثيرة في الإقليم من خلال تشخيص دقيق للواقع الاقتصادي خاصة المحلية .
الدكتور محمد أبو حمور هو أحد أبرز الاقتصاديين والوزراء الأردنيين الذين لعبوا أدوارًا مهمة في السياسة الاقتصادية والمالية للأردن ويُعتبر الدكتور أبو حمور من أبرز الخبراء الاقتصاديين في الأردن والمنطقة، حيث جمع بين الخبرة الحكومية والعمل الدولي والأكاديمي.
في أواخر كانون أول العام 2010 اختارت مجلة ( (The Bankerالدكتور محمد أبو حمور كأفضل، وزير مالية في الشرق الأوسط لعام 2010 ، وجاء الاختيار بناء على ما تحقق من انجازات في قطاع المالية العامة خلال ذلك العام حيث تم تخفيض عجز الموازنة العامة بشكل واضح، كما تم انجاز الإصدار الأول للسندات الدولية بنجاح منقطع النظير، بالإضافة إلى إصدار قانون ضريبة دخل محفز للاستثمار.
- كيف تقيّم الأداء الاقتصادي للأردن خلال السنوات الخمس الماضية، وما هي أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني؟
استطاع الاقتصاد الاردني خلال السنوات الخمس الماضية أن يحقق معدلات نمو ايجابية مع الحفاظ على نسب تضخم متدنية، كما واصل الدينار الاردني الحفاظ على جاذبيته وثبات سعر صرفه بفضل السياسات النقدية الحصيفة التي تمكنت أيضاً من مراكمة احتياطيات قياسية من العملات الاجنبية، كما أثبت قدرته على الصمود والتكيف مع الأزمات الإقليمية والعالمية بدءً من جائحة كورونا مروراً بالحرب الروسية الاوكرانية وانتهاءً بالعدوان الغاشم على قطاع غزة وما شهدته بعض دول الاقليم من تطورات وأحداث، وبات من الواضح انه ورغم كل هذه الظروف والصدمات الا أن ما تحقق من نتائج تمثلت في استدامة الاستقرار الاقتصادي ومواصلة النمو الايجابي كان أفضل من التوقعات وذلك بفضل الجهود الرسمية ومواصلة تنفيذ الاصلاحات المالية والنقدية واتاحة الفرصة للقطاع الخاص للقيام بدور حيوي في مختلف الانشطة الاقتصادية، وخلال عام 2024 حقق الاقتصاد الاردني نمواً بنسبة 2.5%، ومن المتوقع أن تواصل هذه النسبة الارتفاع بحيث تتجاوز 3% خلال السنوات القادمة، وهذا يشير الى الاداء التصاعدي للاقتصاد الاردني، رغم التحديات المتمثلة في ارتفاع نسب البطالة وما يواجه المالية العامة من عجز وارتفاع نسبة الدين العام.
وكدليل على مرونة وصلابة الاقتصاد الأردني وقدرته على مواجهة الصعوبات والتأقلم معها وفي ضوء مواصلة تنفيذ الإصلاحات قامت مؤسسات التصنيف الدولية برفع التصنيف الائتماني للأردن خلال العام الماضي، كما استمر العمل ببرنامج الإصلاح المالي والاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، وتستند قدرة الاقتصاد الأردني على التكيف والتأقلم مع مختلف التطورات والأزمات المتعددة إلى معطيات أساسية، أهمها الاستقرار السياسي والأمني الذي تنعم به المملكة، والعلاقات الأردنية المميزة مع مختلف دول العالم والتي أرساها جلالة الملك بفضل ما يتمتع به من احترام وتقدير في مختلف المحافل الدولية، وكذلك السياسات الحصيفة للبنك المركزي الأردني، والعمل الذي يتواصل لتنفيذ الإصلاحات في مختلف المجالات والمستند إلى رؤى الإصلاح الشامل السياسي والاقتصادي والإداري، إضافة إلى دور رجال الأعمال الأردنيين وما يمثلونه من خبرة ودراية في التعامل مع مختلف الأزمات والمعطيات المختلفة اقليمياً وعالمياً.
- ما هي الفرص غير المستغلة التي يمكن أن تساهم في تحفيز النمو الاقتصادي في الأردن؟
يزخر الاقتصاد الاردني بمختلف قطاعاته بالفرص القابلة للاستغلال والتي في حال تم تفعيلها ستساهم في رفع نسب النمو الاقتصادي وتوفير مزيد من فرص العمل ومعالجة اختلالات الميزان التجاري وتحسين حياة المواطنين، ولعل من أبرزها تلك المتوفرة في قطاع التعدين والثروات الطبيعية التي تستدعي توسيع دائرة الاستكشافات، كما أن هناك العديد من الفرص التصديرية للمنتجات الصناعية والزراعية تقدر بحوالي أربعة مليارات دينار، أما في قطاع الطاقة فالأردن لديه فائض من الانتاج الكهربائي، كما أنه مؤهل لإنتاج كميات اضافية كبيرة من الطاقة الشمسية، وفي قطاع تكنولوجيا المعلومات وبفضل تطور وتحديث البنية التحتية الرقمية وتوفر قوى عاملة مؤهلة هناك آفاق واسعة للتطور والفرص، وعلى صعيد القطاع الزراعي والتصنيع الغذائي فالفرص متوفرة للزراعات العضوية والحديثة والتي ستكفل تعزيز الامن الغذائي وزيادة الصادرات، ورغم تطور القطاع السياحي الا أن هناك أيضاً فرصة اضافية للاستفادة من السياحة البيئية والتاريخية.
هذه الفرص وغيرها الكثير تحتاج الى استقطاب مزيد من الاستثمارات عبر مواصلة العمل على تحسين بيئة الاعمال وتطوير البنية التحتية وتمكين القطاع الخاص وبناء برامج للتعريف والترويج وتنويع الاسواق التصديرية وبناء شراكة فاعلة بين مختلف الفعاليات الاقتصادية والجهات ذات العلاقة لتمكينها من التغلب على ما قد يعوق الاستفادة من الفرص المتوفرة، ومن المؤكد أن استثمار الفرص غير المستغلة أو الامكانيات الكامنة للاقتصاد الاردني ستكون له آثار ايجابية على مختلف المؤشرات الاقتصادية وعلى فتح آفاق جديدة لفرص اضافية أوسع وأشمل.
- كيف ترى “رؤية التحديث الاقتصادي” التي أطلقتها الحكومة الأردنية؟ هل تعتقد أنها قادرة على معالجة المشكلات الهيكلية للاقتصاد؟
تعتبر رؤية التحديث الاقتصادي اطاراً استراتيجياً وخارطة طريق لتحقيق نمو مستدام خلال السنوات القادمة وقد تم اعدادها لتتعامل مع مختلف التحديات التي تواجه الاقتصاد الاردني، حيث تتضمن 8 محركات نتج عنها 366 مبادرة في مختلف القطاعات وتركز على إطلاق كامل الإمكانات الاقتصادية والمولدة لفرص العمل، وهي تحظى برعاية ملكية سامية وتتميز بشموليتها وقابليتها للتطبيق اضافة الى توفر مؤشرات لقياس الأداء والإنجاز وتتميز أيضاً بأنها عابرة للحكومات وتخضع للرقابة والمتابعة وقابلة للمراجعة والتعديل على ضوء ما يستجد من ظروف ومتغيرات بما يضمن استيعاب جهود الاصلاح التي تتيح تحقيق الأهداف.
وتنطلق رؤية التحديث الاقتصادي من التأكيد على أهمية النمو الاقتصادي باعتباره المحرك الأساسي لمعالجة التحديات الاقتصادية الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الوطني والوسيلة التي من خلالها يمكن توليد فرص عمل تساهم في التصدي لمشكلتي الفقر والبطالة، ورغم أن الانجازات خلال الفترة الماضية لم ترتق الى مستوى الطموح الا أن الفرصة لا زالت سانحة لمعالجة المعيقات والصعوبات ومواصلة السير قدماً لتحقيق أهداف الرؤية ومعالجة المشكلات الهيكلية للاقتصاد الاردني.
- ما هي القطاعات التي يجب أن تكون أولوية في خطة التحديث الاقتصادي، ولماذا؟
يتميز الاردن بهيكل اقتصادي مرن وعدد من القطاعات الحيوية مثل الزراعة والصناعة التحويلية والخدمات المالية والسياحة، والتكنولوجيا الرقمية، وتستند رؤية التحديث الاقتصادي على النمو المتسارع الذي يستغل الامكانات الاقتصادية المتاحة وبما يساهم في الارتقاء بمستوى معيشة المواطنين وتحسين مستوى حياتهم واستحداث فرص عمل اضافية، وقد حددت الرؤية الأولويات القطاعية والمبادرات المطلوبة في كل قطاع، ومن الواضح أن موضوع الأثر المباشر على حياة المواطن وتوليد فرص العمل هو الجانب الذي لا بد أن يولى أهمية خاصة، وفي هذا الاطار يمكن الاشارة الى المشاريع الاستراتيجية الكبرى وخاصة تلك المتعلقة بتأمين مصدر استراتيجي لتوفير احتياجات المواطنين من المياه وتلك التي تعمل على تحسين النقل العام ونقل البضائع وتوفير بيئة استثمارية جاذبة وكذلك تشجيع الابتكار والمشاريع الريادية وتمكين الشباب من انشاء مشاريعهم التي تراعي الامكانيات المتاحة وتساهم في سد الاحتياجات المناطقية مع القابلية للتطور والتوسع المستقبلي، وتشكل التكنولوجيا الرقمية قطاعاً واعداً باستطاعته أن يستوعب قطاعات شبابية واسعة وأن يوفر فرص عمل مستدامة، كما أن القطاعات الانتاجية بمختلف تفرعاتها كفيلة بتعزيز الاعتماد على الذات وتمكين الاقتصاد من مواجهة أي أزمات مستقبلية.
ورغم أهمية تحديد الأولويات القطاعية الا أن الاهم يتمثل في وضع برامج تنفيذية مرنة قابلة للتطبيق تتيح التأقلم مع المتغيرات والمستجدات وتحقق الانجازات في أقصر وقت وبأقل كلفة ممكنة.
- ما هي الإصلاحات الهيكلية التي تراها ضرورية لتحسين أداء القطاعات الرئيسية مثل (الطاقة، الصناعة، الزراعة، السياحة، التكنولوجيا)؟
خلال السنوات الماضية اتخذ الاردن العديد من الاصلاحات الهيكلية لتحسين الاداء الاقتصادي عموماً والقطاعات الرئيسية بشكل خاص، بما في ذلك توسيع مشاركة القطاع الخاص وتوفير البنية الاساسية وتوسيع الاسواق التصديرية عبر ابرام عدد من اتفاقيات التجارة، وتحسين الظروف التنافسية للمنتج المحلي، وتوفير البيئة الجاذبة للاستثمار وغيرها من الاصلاحات، الا أنه لا زالت الحاجة ماسة لاجراء مزيد من الاصلاحات الكفيلة بتوفير الظروف الملائمة لنهضة هذه القطاعات وضمان استدامتها وقدرتها على التأقلم مع المستجدات التكنولوجية ومع الظروف الطارئة، ومن المؤكد أن كل قطاع يحتاج الى اجراءات تتعلق بخصوصياته ومكوناته المختلفة، وهذا ما تقوم به مختلف الجهات الرسمية ذات العلاقة بالتعاون مع القطاع الخاص الذي يدرك أكثر من غيره الاحتياجات المتعلقة بهذا القطاع أو ذاك باعتباره المحرك الرئيس للانشطة الاقتصادية المختلفة.
- كيف يمكن تعزيز دور القطاع الخاص ليكون محركًا رئيسيًا للنمو بدلاً من الاعتماد على القطاع العام؟
يقوم القطاع الخاص الاردني بدور أساسي في مختلف الانشطة الاقتصادية وهذا واضح في مضامين رؤية التحديث الاقتصادي وما أولته من اهتمام بما سيقوم به القطاع الخاص، ومن الضروري أن يتم تعزيز وتفعيل دور القطاع الخاص الذي بدونه لا يمكن بلوغ الاهداف التنموية والاقتصادية، ونقطة البداية تتمثل في بناء بيئة استثمارية محفزة للاستثمارات المحلية وجاذبة للاستثمارات الاجنبية، كما أن الشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص تشكل ركيزة أساسية لتعزيز تنافسية الاقتصاد ورفع مستوى انتاجيته ومنحه مرونة وقدرة على التكيف مع مختلف الظروف والمستجدات، ويستطيع رجال الاعمال أن يقوموا بدور أساسي في تنفيذ المشروعات الكبرى وتعزيز الريادة والابداع، واستشراف الفرص المتاحة والاستفادة من المقدرات الوطنية وتنميتها، والتعاون الفعال الذي يضمن قيام كل طرف بما يقع ضمن مسؤولياته هو السبيل لتكامل الجهود التي تساعد على امتلاك القطاع الخاص لزمام المبادرة في رفع نسب النمو وتوليد فرص العمل، خاصة اذا استطاع رجال الاعمال تحسين نوعية منتجاتهم ورفع قدرتها التنافسية محلياً وخارجياً، ويقع على عاتق الجهات الرسمية مهمة تخفيف القيود البيروقراطية والمساعدة على تخفيض كلفة الانتاج وخاصة الطاقة وتوفير البنية الاساسية التي تسهل عمل القطاع الخاص والمشاركة في فتح أسواق تصديرية جديدة وتمويل الحملات الترويجية مع الحرص على الشفافية والحوكمة الرشيدة وسيادة القانون وسلامة التشريعات واستقرارها.
القطاع الخاص لديه العديد من المزايا التي قد لا تتوفر للقطاع العام بما فيها تلك المتعلقة بإدارة الاستثمارات وابرام الاتفاقيات وتسويق الفرص الاستثمارية عبر شبكة من العلاقات التجارية والشخصية، مع الاشارة الى ضرورة قيام القطاع الخاص بتحسين أدائه ورفع انتاجيته وقدرته التنافسية والادراك بان كل تطور وازدهار اقتصادي ينعكس حتماً على كافة فئات المجتمع ويساهم في نهضته وازدهاره.
- بلغ الدين العام مستويات مرتفعة جدًا، ما هي الحلول الجذرية التي تقترحها لخفض الدين دون التأثير على الخدمات الأساسية؟
تعتبر نسبة الدين العام المرتفعة من أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد الاردني بشكل عام والمالية العامة على وجه الخصوص حيث بلغ اجمالي الدين العام نهاية شهر شباط الماضي حوالي 44.8 مليار دينار ليشكل بذلك ما يزيد عن 117% من الناتج المحلي الاجمالي المقدر للعام الحالي، وتبلغ فوائد الدين العام في موازنة 2025 حوالي 2.2 مليار دينار، وهناك جهود رسمية لتخفيض نسبة الدين العام وكلفة خدمته، ومؤخراً تم اللجوء الى أدوات تمويل جديدة مثل الصكوك الاسلامية لتخفيض أعباء الدين العام، ومن المهم البحث عن السبب الذي يؤدي لتراكم الدين والمتمثل في عجز الموازنة العامة، لذلك لا بد بداية من العمل لتخفيض عجز الموازنة عبر تحسين الايرادات العامة وتقليص الانفاق غير الضروري وتوجيهه للأولويات، ومن ثم يمكن النظر في تحسين ادارة الدين العام عبر عمليات شراء الديون واعادة الجدولة والتخلص من الديون ذات الفوائد المرتفعة والبحث عن اساليب تمويل جديدة ومبتكرة بما في ذلك تمويل المشاريع عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والعمل على أن يقتصر استخدام الديون على تمويل المشاريع الرأسمالية، والأهم من كل ذلك هو العمل على رفع نسبة النمو الاقتصادي باعتباره الاساس في تمكين الاقتصاد الاستفادة من الفرص المتاحة وتوفيره لمصادر دخل اضافية للخزينة العامة مما يقلل من الحاجة للاقتراض.
- كيف يمكن معالجة مشكلتي البطالة (وخاصة بين الشباب) وارتفاع معدلات الفقر في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة؟
البطالة من أكثر القضايا المحلية الحاحاً وهي احدى التحديات الاساسية نظراً لما يترتب عليها من اهدار للطاقات ومصاعب اجتماعية واقتصادية، والفقر مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالبطالة، ومشكلة البطالة في الأردن معقدة ومتداخلة الأسباب، بما فيها الاسباب المتعلقة بعدم المواءمة بين مخرجات التعليم واتجاهات الطلب على الايدي العاملة وتدني مستويات الكفاءة لدى بعض المهنيين ، وهذا الامر لا بد ان يولى اهتماماً خاصاً فاليوم نشهد تطورات تكنولوجية ذات اثر مستقبلي كبير قد يغير معالم سوق العمل خلال السنوات المقبلة، لذلك من المهم ان نلتفت الى نوعية الاستثمارات التي نرغب ان تشكل صلب الاقتصاد في المستقبل القريب وان نوفر لها بنية تحتية ملائمة وقوى بشرية مؤهلة اضافة الى دعم الشباب خلال عمليات الانتقال من الدراسة إلى العمل وإعدادهم على نحو استباقي بما يتواءم مع التحولات التكنولوجية، التدريب والتأهيل أساس توفير فرص العمل للأردنيين.
- ما هي السياسات التي يمكن أن تعزز ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة لتكون حلاً جزئيًا لأزمة البطالة؟
الاردن من الدول التي أبدت اهتماماً منقطع النظير بالمشاريع الريادية وهناك العديد من المؤسسات التي تعمل في هذا القطاع، كما حققت الشركات الريادية الاردنية نجاحات لافتة في مختلف المجالات، الا أنه لا زال هناك العديد من الفرص والامكانيات التي يمكن استثمارها، بما في ذلك دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة و متناهية الصغر في المجالات الحرفية والخدمية والتجارية، اضافة الى تحسين اداء حاضنات الاعمال والريادة والابتكار، ودعم البرامج المكثفة التي تركز على المهارات المطلوبة في قطاع التكنولوجيا، ومن خلال تعزيز ثقافة الابتكار وتوفير البنى المؤسسية الداعمة، يمكن تمكين الشباب ليصبحوا مصدراً لتوليد فرص العمل، وهذا يساعد أيضاً على تطوير شركات تكنولوجيا أردنية محلية، مما يعني تحويل التحديات الى فرص وتحويل تحدي البطالة بين الشباب إلى منصة لانطلاق التنمية المستدامة.
- ما هي المعوقات التي تحول دون جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الأردن؟ وكيف يمكن تحسين المناخ الاستثماري؟
الاستثمارات الاجنبية المباشرة تتأثر بعدة عوامل منها ما يتعلق بالظروف المحلية واخرى ترتبط بظروف الاقليم، واليوم هناك تنافس شديد بين مختلف دول العالم على جذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة، والاردن رغم أنه يتمتع بالاستقرار السياسي والامني الا انه يقع في اقليم يشهد العديد من الاضطرابات السياسية والامنية والتي أثرت على جزء كبير من الاسواق التصديرية التقليدية للأردن، وقد استطاع الاردن التغلب على صغر حجم السوق المحلي عبر الاتفاقيات التجارية التي أصبحت تتيح للمنتج الاردني دخول مختلف الاسواق العالمية، كما استطاعت المملكة أن تحسن العديد من المؤشرات التي تؤثر على تدفق الاستثمارات، كما تم تحديث وتطوير التشريعات الناظمة للاستثمار، الا انه لا زال من المهم العمل على ازالة بعض المعيقات البيروقراطية التي تواجه بيئة الاعمال وتبسيط اجراءات انشاء وممارسة الاعمال واتمتتها وتكثيف الجهود الترويجية وتعميق الشراكة بين القطاعين العام والخاص بما يتيح جذب استثمارات نوعية، تساعد في التغلب على المصاعب التي يعاني منها الاقتصاد الأردني والقادرة ايضاً على التواؤم مع متطلبات التطور التكنولوجي والرقمي.
- هل تعتقد أن مناطق التنمية الاقتصادية (مثل منطقة العقبة الاقتصادية) حققت النتائج المرجوة منها؟
المناطق التنموية هي مناطق محددة داخل الحدود الأردنية يتم منحها مزايا محددة وفقاً لقانون المناطق التنموية والمناطق الحرة، وتستهدف هذه المناطق تحقيق أهداف تنموية واقتصادية، مثل جذب الاستثمارات، وتوفير فرص عمل، وتعزيز التنمية الاجتماعية، وهي احد الابواب التي يمكن من خلالها استقطاب مزيد من الاستثمارات وزيادة الصادرات، وعادة ما يتم منح المناطق التنموية مزايا ضريبية محددة وفق الاسس المعتمدة، وهناك تقديرات بأن عوائد الاستثمار الممكن تحقيقها من نشاط المناطق الحرة تصل الى 15% من الناتج المحلي الإجمالي ويمكن أن ترتفع إلى 20 % في المدى المتوسط.
- هل كان هناك تنسيق كافٍ بين الحكومات المتعاقبة لضمان استمرارية الإصلاحات الاقتصادية؟
معظم الاصلاحات التي تمت خلال العقود الماضية كانت تنجز بالتعاون مع الجهات الدولية مثل صندوق النقد الدولي وهذا ما حافظ على استمراريتها رغم قصر عمر الحكومات في تلك المرحلة، الا أن المرحلة الحالية تتميز بأن الاردن انتهج خطاً اصلاحياً شاملاً للجوانب الاقتصادية المتمثل في رؤية التحديث الاقتصادي وخطة تحديث القطاع العام ورفع مستوى ادائه اضافة الى التحديث السياسي، وهذه الخطط عابرة للحكومات باعتبارها تمثل توافقاً بين مختلف مكونات المجتمع وتحظى برعاية ملكية سامية.
- إذا كان لديك الفرصة لتقديم خطة إنقاذ اقتصادي للأردن، ما هي أبرز ثلاث خطوات ستتخذها؟
قامت عدد من الحكومات خلال السنوات الماضية بأعداد مجموعة من الخطط والاليات للنهوض بالأوضاع الاقتصادية في المملكة، وأستطيع القول أن هناك تقييم عميق للمصاعب والتحديات الاقتصادية التي تواجه الاردن كما أن ما تم اقتراحه من اجراءات وخطوات للتعامل مع هذه المعطيات أكثر من كافية، وأعتقد أن العقدة الاساسية تتمثل في جانبين أولهما خارجي وهو يتعلق بعدم استقرار الاوضاع الاقليمية وأثرها على الاقتصاد الاردني، والآخر داخلي ويتعلق بوضع الآليات التنفيذية التي تكفل التنفيذ الدقيق للخطط والبرامج والمشاريع وتوفر امكانية الرقابة على مستوى الانجاز ومدى توافقه مع الاطار الزمني المعتمد
نقلا عن الزميلة “الأولى”