وين العيد؟

«خلصنا من الهم» عبارة ينطق بها البعض صراحة وهو يفكّ ربطة عنقه مع غروب شمس اليوم الأول من العيد، والبعض الآخر يقولها ضمناً ولا يجرؤ البوح بها خوفاً من الهجوم الاجتماعي الزائف الذي يدّعي التوادد والتراحم..» خلصنا من الهم» هي أيضاَ نفس العبارة التي تقولها سيدة البيت وهي تجلي أكواب العصير الفارغة وصحون الضيافة أو تعبّر عنها بترتيب الأواني على المجلى بعصبية واضحة في نهاية يوم مُنشّى بالمجاملات وابتسامات ما فوق الجوزة..

طيب لماذا جعلنا من العيد همّ وغم ومناسبة ثقيلة؟؟.. الجواب بسبب رزالة الإرث الاجتماعي الذي حملناه تباعاً دون انفكاك منه أو محاولة للتمرّد عليه.. لأنه أقوى منا جميعاَ ومسنناته أقوى من رفضنا الخجول الطري.. الزائر أو المُعايد يقوم مجبراً تحت الضغط الاجتماعي بدور «باحث الإحصاءات العامة» يطرق البيوت يسلم على الموجودين يأخذ جرعة من القهوة وحبة توفي ثم ينطلق إلى أقرب «لوكيشن» آخر من صلة الرحم والمثبت على جدول أعماله.. خروج من بيت دخول في بيت آخر وتشطب الأسماء التي تم زيارتها ويسجّل نقطة على البيوت التي لم تفتح أبوابها برغم محاولات قرع الجرس المتكررة.. «مين ظل»؟؟.. ظل «الحجة مرزية»؟؟.. فتمشي الوفود بحرارة الجو ومجاملات العيد المتكررة ورائحة أطقم الجلوس المختلفة و«حبة بيض العيون»..تشرب قهوة ثم تأخذ حبة توفي.. عندما تخرج «تقول خلصنا من الهم».. والذين تزورهم يقولون نفس العبارة وبنفس التوقيت «هاي خلصنا من جيتهم».. اذا كان المُعايد يعتبر زيارة الآخر هَمّاً.. وإذا كان المُعايد عليه يعتبر زيارة المُعايد له همّاً أيضاَ.. فلماذا هذا الإصرار على ثقالة الدم المتبادلة إذن.. من يريد من أن يقول لي صلة الأرحام والتواصل.. هذه ممكن ان تحصل في أي يوم من أيام العيد وإذا لم يكن عنوانها العريض المحبة.. فإنها وزر ونفاق وكره على كره..

الخلاصة.. في نهاية اليوم الأول من العيد عدت إلى منزلي محمّلاً ببيض الحمام والنوجا.. قادر على ان يصدر زغاليل لباكتسان والهند.. عدتُ الى بيتي وأولادي لم يرتدوا ثياب العيد بعد، والسبب أنهم لم يروني منذ صلاة العيد ولم يزرهم أحد منذ صلاة العيد بسبب غيابي.. سألني ابني الصغير ببراءة وحزّ البطيخ بين يديه كهلال شوال.. يابا وين العيد؟؟.. قلت له: العيد.. بطّل ييجي..

العيد القادم أن شاء الله في جورجيا او تركيا أو اشتفينا.. لأنه من المجاملات اكتفينا..

[email protected]

الرأي

زر الذهاب إلى الأعلى