عن راكان السعايدة و”حزب جريدة الرأي”!
من الصعب عليّ ألاّ أعلن فرحي على الملأ بتعيين الزميل الأستاذ راكان السعايدة رئيساً لتحرير “الرأي”، ولا أنتقص من الزملاء رؤساء التحرير السابقين، فكلّهم أصدقاء وزملاء أعزاء، ولكن وجود أبي أوس على ذلك الكرسي يعني لي الكثير.
تزاملت معه في صحف أسبوعية، قبل نحو ربع قرن، أمّا في يومية “المسائية” فكنّا أكثر من زميلين، وقناعتي بجودة مادّته التحليلية والإخبارية كانت تدفعني إلى تأخير موعد الطباعة حتى تصلني كتابته، ووجوده رئيس قسم البرلمان معنا لم يكن صدفة، لأنّه كان قادراً على “نشل” الخبر من جيب النائب أو العين، وتحليله، ومن ثمّ الخروج بمادة تستاهل “المانشيت” العريض على رأس الصفحة الأولى.
قبل إعلانه الترشّح لمنصب نقيب الصحفيين بنحو نصف السنة، أعلنت أنّني سأكون معه، ورجوت الزملاء التصويت له، أمّا المرشّحون الآخرون فرجوتهم عدم الاتصال بي لأنّ موقفي بات مُعلناً ولن يتغيّر، وأكثر من ذلك فقد طالبتهم بعدم الترشّح، وليكن راكان نقيب تزكية لأنّه يستأهل، وفي آخر الأمر فقد نال صديقنا أعلى الأصوات على مدار تاريخ النقابة.
صحيح أنّنا نتحدّث عن السعايدة، ونهنئه بالموقع المستحق، ولكنّنا نتحدّث أكثر عن “الرأي”، فهي حبّي الشخصي الأول، ومنزلي الأول، ولا يمكن لأحد أن ينسى أيام عزّها المُبهر، بقيادة الراحل محمود الكايد، وبمعيته العشرات من الزملاء الأساتذة المبدعين، ولعلّني كُنتُ أقلّهم قيمة وقدراً، ولكنّني في مطلق الأحوال كُنت هناك، وكان لي دوري الذي أدّيته بحب.
كان أبو عزمي قائداً قادراً على بثّ روحه الإيجابية في كاريدورات الصحيفة، وجعل منّا إخوة له لا مجرّد زملاء، وهذا ما انعكس على الأداء المتفوّق، وليس سرّاً أنّ كلّ الحكومات كانت تحسب ألف حساب وحساب لها، وفي يوم سّماها رئيس وزراء قويّ: “حزب الرأي”، ولا هو سرّ أنّ حتّى كتابها من خارج كادرها صاروا وزراء.
يطول الحديث عن “الرأي” حبيبتنا، التي نتمنى لها استعادة ذلك الألق المفقود، وألاّ تكون في جيب أحد إلاّ في جيب قلب الأردن، وأن تعود محجّاً للسياسيين والمثقفين والفنانين والاقتصاديين، والمعبّر عن هموم الناس، ومبارك لصديقي وزميلي ونقيبي الأستاذ راكان السعايدة، وكالعادة للحديث بقية!