عايرني وأنا عايرته

خلال مطالعتي لكتاب الدكتور جوزيف مسعد (آثار استعمارية) لفت نظري استخدام مترجم الكتاب كلمة (المعيرة)، ويقصد بها المعايرة، كالمقايسة، حيث تقوم بتزبيط أكثر من شيء ليتماشى الكل مع مصالحك، مثل معايرة البريك والكلتش او معايرة البلاتين في السيارة. ويبين المؤلف كيف عمل الاستعمار على معايرة الناس في الدول المستعمرة لتصبح الشعوب على قياس، وتعمل حسب مصالحه (مصالح الاستعمار)، سواء كانت تدري أو لا تدري.
 في الواقع لا تكفي عبارة (يا غافل إلك الله) لتبرير جهلنا وضياعنا وسط عالم ليس لنا بالتأكيد، فقد صدر تحذير عالمي منذ عقد على الأقل، من استخدام تطبيق لمحرك الجوجل المشهور في عالم الانترنت، ووصفه التقرير – اقصد وصف الجوجل كروم الجديد- بالجاسوس نظرا لقدرته على سحب كل موجودات أجهزة الحاسوب الشخصي والتحكم والعبث بمحتوياتها. بالاضافة الى ضعفه التام أمام هجمات القراصنة غيرالمحترفين للمساهمة في إحداث الفوضى في حاسوبك الشخصي لمجرد المتعة او التجسس اللاإرادي.
 وبهذا ينظم صديقنا وقرة اعيننا (الجوجل) الى قائمة الجواسيس العالميين الذين يدخلون الى غرف نومنا وفي فراشي اسنانا وحماماتنا ومراحيضنا، وتقديم هذه المعلومات حلالا زلالا الى السيرفر الرئيس في ولاية كاليفورنيا الأميركية ومنه الى …. !! تمهيدا الى إعادة صياغتنا وبرمجتنا   ومعايرتنا حسب ما يريد صانع القرار الأميركي.
فإذا اراد صانع القرار ان يجعل منا، ارهاربيين لتبرير احتلاله للعالم، فهو يستطيع، كما يقدر ان يجعلنا مجرد اهداف ثابتة او متحركة لغايات تدريب قوات المارينز بالذخيرة الحية على اجسادنا المنهوبة روجا وجسدا ومخا ومخيخا ونخاعات.
كما يستطيع ان يجعل منا دعاة سلام واستسلام، ويجعل منا ثوريين حسب الأصول والمواصفات العالمية، كما يستطيع تحويل بعضنا الى لا أباليين اطلاقا. لكنه لن ينسى ان يجعلنا جميعا، وفي كل الوقت كائنات استهلاكية تماما – بماض عريق ومستقبل هش-قادرة –فقط-على شراء وتسويق منتجاته الحربية والسلمية.
 هكذا ينضم صديقنا جوجل الى اجهزة الهاتف الخلوي القادرة على التقاط انفاسنا، والأقمار الصناعية المشغلة لل (الجوجل ايرث) القادرة   على تصويرنا بالفيديو كليب اينما كنا ……اننا كائنات مكشوفة تماما امام اجهزة الرصد والترصد التي تعبث بنا وبأهوائنا واحلامنا لنصير جواسين بالمجان ضد من؟؟؟ ضد أنفسنا.
 علينا ان ننطلق من هذه الحقيقة، إذا أردنا ان نتمرد على دائرة الحصار هذه ونخترقها …. وإن لم نرد ولم ترد عزيزي القارئ. فما عليك سوى ان تقول بكل راحة ضمير وماكنتوش وحلقوم:
–       يا غافل إلك الله!!

زر الذهاب إلى الأعلى