انتخابات بيرزيت

هل تستحق نتائج انتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت، الرصاص الذي تم إطلاقه، وكل الخراف التي تم ذبحها، والبيانات من أعلى المستويات ابتهاجاً، مع أن النتائج أعطت للحركتين المتنافستين العدد نفسه : 23 مقعداً لكل من فتح وحماس وهي تنسجم مع نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي تساوت فيها مقاعد الليكود برئاسة نتنياهو في مواجهة منافسه أرزق أبيض برئاسة بني غانتس، وأعطت لكل منهما 35 مقعداً لدى برلمان المستعمرة . 
ويبدو من المشهد السياسي أن هذا الابتهاج الفتحاوي له ما يبرره، مهما بدا متواضعاً لنجاح حركة فتح، فهي لم تتفوق على حركة حماس، بل ساوتها في عدد المقاعد، مقارنة مع الدورة الماضية حين حصلت حماس على 24 مقعداً مقابل 23 مقعداً لفتح، وتساوى تحصيل الحركتين لهذا العام، وهي خطوة متقدمة إذا تذكرنا انتخابات المجلس التشريعي عام 2006، حين حصلت فتح على 45 مقعداً وحماس على 74 مقعداً، ولذلك ترغب فتح ومن يؤيدها في أن تقول أن انتخابات جامعة بيرزيت جاءت صورة معبرة عن تطور موقف الشارع الفلسطيني، وإعادة انحيازه لحركة فتح بعد تراجع مكانتها، سواء في انتخابات بيرزيت الماضية، أو لدى المجلس التشريعي أو لدى الانتخابات البلدية . 
ولكن الصورة الأكثر إشراقاً تتمثل بنجاح حركة حماس في الضفة الفلسطينية وتحت ظل وإدارة وهيمنة فتح، مما يؤكد حالة التوازن بين الفصيلين وأن كليهما له حضوره وقوته بين مسامات الشعب الفلسطيني، وهذه هي الحصيلة الأولى لنتائج هذه الانتخابات وهي أن حماس لم تهزم في الضفة الفلسطينية رغم تراجعها مقعداً واحداً عما سبق . 
أما الحصيلة الثانية  فهي أن حركة فتح بكل ما يُسجل عليها من ملاحظات، فهي تحرص على إجراء الانتخابات لأنها مصدر الشرعية، وأنها تسمح لحركة حماس بالتنافس بل وبالنجاح والتفوق في بعض الأحيان، بينما حركة حماس التي قادت انقلاباً عام 2007 وانفردت بالسلطة في قطاع غزة، لا تسمح بإجراء الانتخابات البلدية أو النقابية أو الطلابية، فشرعيتها لا تأخذها من صناديق الاقتراع، وهي لا تحترم تداول السلطة، بعد أن فقدت الشرعية الكفاحية، مثلها مثل فتح، ففتح منذ عام 1994 لم تعد فصيلاً كفاحياً يملك شجاعة المباهاة في مواجهة الاحتلال بعد اتفاق أوسلو والتنسيق الأمني، وحماس لم تعد كذلك بعد الانقلاب، وإتفاقي التهدئة مع العدو الإسرائيلي 2012 و 2014، وها هو اتفاق التهدئة الثالث موضع التطبيق، وإن كان هامش الحكي لحماس في قطاع غزة المحاصر أوسع من هامش الحكي لحركة فتح في الضفة الفلسطينية المحتلة، ولكن الأولوية للفصيلين هو التنسيق الأمني بين رام الله وتل أبيب، والتهدئة الأمنية بين غزة وتل أبيب، ولذلك اسقطتا الشرعية الكفاحية عنهما، ولم يعد لهما من شرعية حاضرة أو مستقبلية سوى شرعية صناديق الاقتراع . 
رفض الاحتلال لديهما مازال قائماً ، بل إن قيادة فتح وسلطتها في رام الله، أكثر حزماً في رفض خطة الأميركيين والإسرائيليين وفي رفض استقبال مبعوثي ترامب، فهي تملك الشجاعة السياسية التي لا تقل عن شجاعة حماس السياسية إن لم تتفوق عليها، وهذا ما يقلق واشنطن وتل أبيب، بدلالة أن حماس تتلقى الأموال  عبر تل أبيب مباشرة وبرضى واشنطن، وها هو خليل الحية يقدم احتجاجاته العلنية على عدم تطبيق تفاهمات الجولة الثالثة من اتفاق التهدئة الأمنية بين غزة وتل أبيب بوساطة الثلاثي : مصر وقطر والأمم المتحدة، بعد اتفاقي التهدئة بين غزة وتل أبيب 2012 و 2014، سلطة فتح في رام الله الملتزمة بالتنسيق الأمني يتم محاصرتها مالياً، وسلطة حماس في غزة الملتزمة بالتهدئة الأمنية يتم مكافأتها مالياً، ويتم تمرير المال والتسهيلات عبر موافقة العدو الإسرائيلي، لماذا ؟ سؤال يحتاج للإجابة، والإجابة تكمن في خطة ترامب المستقبلية !! .     

زر الذهاب إلى الأعلى