اللجنة

في ليلة شبه مقمرة، ، رأيت فيما يرى النائم أن الجهود تتكاتف من أجل قطع دابر الفساد والإفساد والربح غير المشروع . فقد تم تشكيل لجنة عليا ذات صلاحيات كبيرة.
كان الاحتفال كبيراً ؛ إذ جابت المظاهرات المؤيدة جميع المدن وقرى وبوادي المملكة ، وعقدت الندوات والمحاضرات ، وتليت الكلمات الصباحية في الإذاعات  المدرسية ، وطُبعت البوسترات ، وجرى  يانصيب وطني خيري لدعم اللجنة حتى لا تمد يدها إلى أحد ، وانهمك أعضاء لجنة « الشعب « كما سُميت ، بالتجوال في القرى والبوادي الأردنية شارحين وجهات نظرهم ومناهجهم في الكشف عن الفساد والإفساد.
عاهد أعضاء اللجنة الجماهير على كشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين عن سرقة الشعب والمال العام، ابتداء من بائع السردين في دُكان صغير بفارق ( تعريفه) من السعر الأصلي، وحتى الحيتان الكبار في كل مكان.
وبما أننا شعب معطاء وكريم ، فقد أولمت القرى والبلدات الأردنية في كل مكان حلت فيه اللجنة ، حتى تم القضاء نهائياً على (دابر ) الثروة الحيوانية ، فتم استيراد نصف مليون  رأس من الغنم والماعز لإنجاح الاحتفالات ، مما أدى إلى وفاة ستة من أعضاء اللجنة بأمراض قلبية نتيجة الإجهاد والتخمة وارتفاع نسبة الكولسترول في الدم.
هذا ما جعلهم يجتمعون مجدداً والاعلان عن انتخابات تكميلية لإحلال بُدلاء عن الشهداء الستة الذين سقطوا في ميدان الحق والواجب.
وقرروا  إيقاف مظاهر الاحتفال،  والشروع العملي في عمليات  للوصول إلى النتائج النهائية ومحاسبة الفاسدين والمفسدين والعكاريت الذين يتاجرون بقوت الشعب ودوائه. اشترت اللجنة من ريع أموال اليانصيب الوطني الذي أصبح نصف يومي  ، عمارة ضخمة مع ساحة هائلة  ، حتى تقوم اللجنة بأعمالها بكل راحة واستقلالية .
 قررت الأمانة العامة للجنة الشعب شراء العمارات لمبناها الجديد، وتحويلها إلى إسكان لعائلات الأعضاء، من أجل توفير الراحة والطمأنينة لأعضاء اللجنة وإعادتهم إلى الأجواء العائلية حتى لا ينفصلوا عن واقع الشعب وهمومه.
اجتمعوا من جديد  وتكاتفت الجهود من أجل قطع دابر الفساد والإفساد والربح غير المشروع  ، وتم تشكيل لجنة عليا ذات صلاحيات كبيرة.
كان الاحتفال كبيراً ، لكنني صحوت فجأة ؛ وفاتتني فرصة المشاركة في الهيزعة مرة ثالثة .

زر الذهاب إلى الأعلى