الزحام ما زال يعيق مسيرة الاصلاح السياسي!
يجتمع الملك مع الكتل النيابية واحدة بعد الأخرى، وبالضرورة فستصلّ الاجتماعات إلى كتلة الاصلاح التي تمثّل التجمّع الأكبر تحت القبة، ولكنّ هناك مراكز قُوى تضع عليها “فيتو”، باعتبارها تمثّل حركة الاخوان المسلمين، وواجهته السياسية حزب جبهة القوى الاسلامية، وفي تقديرنا أنّ جلالته لا يضع “فيتو” على أحد، ويريد للإصلاح السياسي أن يضع قدمه على الطريق.
وليس جديداَ على الملك التركيز على هذه الكتل، باعتبارها خطوة نحو تشكيل الاحزاب، وقد مررنا بفشل ذريع لتشكيل أحزاب من الناس، فلماذا إذن لا نصل إليها من خلال الكتل النيابية المنتخبّ أفرادها من الشعب، وهذا يعني في أقلّ القليل تقليص عدد الأحزاب إلى عدد الكُتل، وهذا بالطبع ليس آخر المنال.
قبل أيام لم يُخف الملك أنّ المأمول الوصول إليه ما بين ثلاثة وخمسة أحزاب، والمعروف أنّ لدينا فوق الخمسين وكلّها مدعومة من الدولة بعشرات آلاف الدنانير لكلّ واحد بمقتضى القانون، وما زلنا نذكر حين باح الحسين الراحل بجملته الشهيرة:”الزحام يُعيق الحركة”، في معرض حديثه عن الأحزاب الأردنية التي تنتشر كالفطر في حياتنا.
قبل نحو شهرين، وقبل اجراء التعديل الوزاري المقزّم كتبنا هنا التالي:
نعرف أنّنا لن ننتقل في ليلة وضحاها إلى حكومة برلمانية كاملة الوصف، فهذا سيتطلب وقتاً ليس بالقليل لاعتبارات موضوعية، ولكنّنا نستطيع أن نتوجّه لها خطوة خطوة، واقتراحنا، هنا، أن نبدأ الخطوة الأولى مع “التعديل الوزاري الموسّع” أو “إعادة التشكيل”.
لدينا كتل برلمانية جاءت بعد اصرار ملكي عليها لتكون نواة أحزاب، ولدينا في تلك الكتل كفاءات مهنية تستطيع ملء حقائب وزارية بأحسن ممّا هو موجود الآن، وثبت ذلك خلال مناقشات القوانين، والمواقف المختلفة، فلماذا، إذن، لا تُمثّل تلك الكتل في الحكومة بالشكل الممكن، فيكون النواب الوزراء ضباط ارتباط بين السلطتين، وحلقة من سلسلة قد توصلنا إلى “حكومة برلمانية حقيقية” في يوم من الأيام؟
لا نريد أن نظلّ أمام :”مكانك سرّ” إلى الأبد، وفي تقديرنا أنّ الشارع سيقبل هذه الخطوة، بل وقد يروّج لها، لأنّها ستكون البداية في رحلة التشاركية الحقيقية، وصولاً إلى حكومة برلمانية حقيقية، والفكرة مفتوحة للنقاش بالطبع”..
الحكومة لم تلتقط فكرتنا، وظلّت تُفكّر داخل صندوق الحكومات السابقة، ولكنّنا كنّآ نحن أصلاً التقطنا الفكرة من سياق حركة الملك قولاً في لقاءاته، وكتابة في أوراقه النقاشية، ولعلّنا بعد استكمال لقاءات جلالته، وبعد المذكرة التفصيلية التي وجهها رؤساء الكتل النيابية إلى رئيس مجلس النواب لمأسسة عملها أمس الأول، نتفاءل بأنّ هناك شيئاً يُطبخ على نار هادئة بهذا الشأن، وأنّ هناك من يقرأ الورق في الأردن، وللحديث بقية كالعادة!.