التعليم عن بُعد ….إلى أين؟

أ.د.يونس مقدادي

لقد شهدنا كيف لجأت المؤسسات التعليمية الأردنية بمرحلتيها الأساسية والجامعية إلى اعتماد التعليم عن بُعد بتطبيقاته كأحد الوسائل والخيار الأفضل لاستكمال العملية التعليمية لأبنائنا الطلبة في ظل الجائحة التي شهدها العالم بأسره ونحن جزء منه، وحسب تصريحات العديد من المسؤولين وأصحاب العلاقة لتلك المؤسسات قالوا بإن تلك التجربة كانت ناجحة نوعاً ما على الرغم من سماعنا للعديد من التحفظات لوجهات نظر إيجابية أيضاً ولم تأخذ بعين الاعتبار في فترة التجربة وذلك وجهة نظر العديد من الأكاديمين والتربويين المطلعين على التجربة ونتائجها ولكن وبالإجماع لا يوجد خيار آخر.

لقد ألقت هذه التجربة بظلالها على القرار الرسمي ومجالس الحاكمية على مستوى الوزارات صاحبة الاختصاص والمؤسسات التعليمية التابعة لها،  حيث أدركت تلك المجالس بأن التعليم عن بُعد لم يعُد خياراً بل واقعاً ولابد من العمل به ما بعد الجائحة. والسؤال الذي يطرح نفسه في حال إذا كان التوجه القادم نحو التعليم عن بُعد، فبهذه الحالة فأن هذا الأمر يتطلب منا وقفة تفكير معمقة في كيفية التعامل مع هذه المنظومة التعليمية الجديدة على الرغم هي ليست بجديدة حيث أوصت مجلس الوزارات المختصة بالتربية والتعليم العالي وعلى مر العقدين الماضين بالطلب من كافة المؤسسات التعليمية بالاستعداد والتحضير في إعداد بُنى تحتية كفيلة بتطبيق هذه المنظومة والبدء بالتعليم عن بُعد وبشكلٍ جزئي ولكن وبتقديري كانت نسبة الجدية بالتحضير لها ضعيفة ولأسباب كثيرة يعلمها الجميع.

إن منظومة التعليم عن بُعد وباعتقادي تحتاج إلى التفكير جلياً وبموضوعية مع الأخذ بعين الاعتبار كافة الأبعاد ذات العلاقة لبناء توجه حقيقي نحو منظومة التعليم عن بُعد والتجربة التي نمر بها خير دليل لكي نبدأ وبموضوعية تشخيص هذه التجربة والاستفادة منها من حيث نقاط القوة وتعزيزها ونقاط الضعف العمل على معالجتها وذلك من التقييم الموضوعي لهذه التجربة بعيداً عن الاستعراض بالطرح وإنما الاعتماد على مبدأ المصداقية كأساس للنجاح، وأعتقد بأن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إشراك كافة الأطراف ذات العلاقة في عملية التقييم منهم الطلبة، وأعضاء الهيئة التدريسية، والكوادر الفنية المسؤولة المنصات والتطبيقات الإلكترونية التي تم استخدامها خلال التجربة الحالية كخطوة أولى أساسية وذلك من خلال تصميم استبانات الكترونية خاصة إذ تشتمل على فقرات ذات مدلولات محددة منها خاص بالطلبة وأخرى خاصة بأعضاء الهيئة التدريسية وذلك بالإجابة على فقراتها بحرية ومصداقية للاستفادة من تجربتهم وأرائهم والمعيقات التي واجهتهم وتلخيصها ليتسنى لمجالس الحاكمية مناقشتها مع أشخاص من ذوي الخبرة الواسعة في التعليم الالكتروني والتجهيزات الفنية المرافقة للخروج بأفكار يُستمد منها بناء إستراتيجية حقيقية قابلة للتطبيق وفقاً لمنظومة تشريعية ضابطة لتنظيم عملية التعليم عن بُعد بكفاءة واقتدار. وأعتقد وبكل أمانة بإن وطننا الحبيب لديه العقول والخبرات الواسعة للاستفادة من خبراتهم وأرائهم ومقترحاتهم الرصينة وجمعها في ملف خاص يمكن من خلاله بناء أنموذج تطبيقي نفاخر به العالم ونكون من الدول السباقة في الإقليم بتبني التعليم عن بُعد عملياً وليس خياراً. حفظ الله الوطن وقائد الوطن وشعبنا من كل مكروه.

– جامعة عمان العربية

زر الذهاب إلى الأعلى