أصحاب أسبقيات يمتهنون “الحوادث المفتعلة”.. ونزف مالي وتصفية إستثمارات في “تأجير السيارات” ..والحكومة تتفرج!!
كرم الإخبارية – بقلم: بثينه السراحين
سياسة التجاهل والإهمال التي إنتهجتها الحكومات المتعاقبة لمطلب حيوي وهام ومفصلي للمستثمرين في تأجير السيارات السياحية أوصل هذا القطاع إلى شفير الهاوية؛ حيث المشهد اليوم شديد المأساوية والسوداوية. خاصة إذا ما ذكرنا بأن هذا القطاع بات اليوم فريسة سهلة لذوي أسبقيات جرمية بلغ بهم حجم الإستغلال لخلل تشريعي وقانوني حدّ أنهم إتخذوا من “الحوادث المفتعلة” مهنة مدرّة للدخل، ووسيلة سهلة للإعتياش على حساب تدمير واحد من أهمّ القطاعات الإقتصادية والسياحية في المملكة.
وكان لمواصلة الحكومات نهج تجاهل نداءات ومطالب محقة لجهة إجراء إصلاحات هامة وملحة على القوانين والأنظمة التي تحكم عمل مالكي تأجير السيارات السياحية، نتائج كارثية تمثلت بخسائر فادحة وسيل من النزف المالي الذي لا يتوقف. حيث يتكبد هؤلاء كلفة مالية باهظة للمسؤولية المدنية تجاه الغير، والتي يتم بموجبها إجبار مالك السيارة المؤجرة على تحمل فاتورتها ومهما بلغت قيمتها المادية!!!، وذلك على الرغم من أنّ المنطق والعدالة تقضيان بأنّ المُستأجر هو المسؤول (قانوناً) عن أفعاله كشخص عاقل وبالغ ويتوجب عليه تحمل تبعات أي حادث يتسبب به خلال قيادته للمركبة. الشيء الذي سيزيد من حرصه على تلافي الحوادث، ويضاعف إحساساته بعظم المسؤولية عن وقوع خسائر مادية أو بشرية.
والوضع المختل هذا أثار شهوة الإجرام وغذى المسلكيات المنحرفة لذوي أسبقيات باتوا يجدون في تلك الثغرة القانونية الخطيرة (المسؤولية المدنية)، منفذاً ووسيلة لإبتزاز مالكي السيارات السياحية، وذلك في ظل غياب الرادع القوي لهم، في الوقت الذي تتلاشى الحماية الحقيقية لأي إستثمار؛ عادة ما يفترض بأية دولة تحترم مواطنيها أن توفره لهم حال انخرطوا في عملية تنمية إقتصادياتها وبذلوا أموالهم وأفنوا مجهوداتهم وأعمارهم في سبيل تقديم خدمة سياحية راقية ورسم صورة مشرقة للبلاد في أذهان زائريه قبل مواطنيه.
والمستغرب للغاية، في ظل ما يجري من مؤامرة تستهدف تدمير قطاع تأجير السيارات السياحية أن عشرات اللقاءات والمخاطبات الرسمية والمناشدات التي صدرت عن نقابته وممثليه لكافة الجهات المعنية بتنظيمه وحمايته والمسؤولة عن تأطير عمله بالقوانين والأنظمة الكفيلة يإنعاشه لا بإفشاله وتصفيته، ذهبت أدراج الرياح ولم تتعدى كونها كلام (فضّ مجالس)، وحبر على ورق ووعود زائفة لم تفلح في حماية هذا القطاع من أن يستحيل إلى لقمة سائغة لكل طامع بالتزرق والتكسّب بطرق ملتوية وسهلة.
وبينما تواصل الحكومة تبنّي سياسة المتفرج الذي لا يحرك ساكناً، فإنّ كل ما نرجوه من الله هو أن لا تكون (الحوادث المفتعلة) بمثابة المسمار الأخير الذي يدق في نعش قطاع خدمي وسياحي لديه من كلف التشغيل الباهظة ما يكفيه من أحمال تتفتت لها الجبال الصلبة.